: آخر تحديث
الرباط تفادت دائما المزايدات السياسية والدخول في مسارات معقدة تُفقد المساعدات أثرها

مبادرة ملك المغرب لدعم غزة حس عملي يضع الفلسطينيين في صدارة الاولويات

0
1
0

إيلاف من لندن: جاءت مبادرة عاهل المغرب الملك محمد السادس ورئيس لجنة القدس بإرسال حوالي 100 طن من المواد الغذائية والأدوية إلى سكان غزة، في ظرفية إنسانية معقدة، تتسم بندرة المساعدات وصعوبة مرورها عبر المنافذ التقليدية. التوقيت هنا بالغ الدقة، إذ يتزامن مع تفاقم الوضع الغذائي والصحي في القطاع، وسط تقارير عن سوء تغذية متزايد وبوادر مجاعة. هذا يجعل الدعم المغربي ليس مجرد تضامن رمزي، بل استجابة عملية لحاجة ملحة وطارئة.

رمزية المسار وطريقة التنفيذ
في ظل تعثر مرور آلاف الشاحنات عبر معبر رفح (أكثر من 5000 شاحنة بانتظار الدخول حسب وزارة الخارجية المصرية)، ومع ما رافق المساعدات الجوية من الأردن من حوادث مأساوية واعتداءات على الكرامة، اختار المغرب مسارًا مباشرًا وفعالًا: النقل الجوي عبر طائرات عسكرية ومدنية مغربية، يليه التوزيع بالشاحنات داخل القطاع، لضمان وصول المساعدات مباشرة إلى المستفيدين.
هذا الاختيار يعكس حسًا عمليًا يضع المستفيد الفلسطيني في صدارة الأولويات، بدل الانخراط في المزايدات السياسية أو الدخول في مسارات معقدة تُفقد المساعدات أثرها.


جانب من من المساعدات الملكية المغربية لسكان غزة

الإشراك والشرعية الدولية
اعتمد المغرب على الهياكل الفلسطينية الرسمية، وعلى رأسها الهلال الأحمر الفلسطيني، مع التنسيق مع السلطات الإسرائيلية. هذه الآلية المزدوجة تعزز الشفافية والفعالية، وتُجنب أي استغلال سياسي للمساعدات. كما أن قبول إسرائيل بمرور هذه الشحنات تحت رعاية مغربية يُبرز المصداقية التي يتمتع بها المغرب في الساحة الدولية، باعتباره فاعلًا يحظى بالثقة لدى مختلف الأطراف.

البعد الرمزي والديني
تضيف صفة الملك محمد السادس كرئيس للجنة القدس بعدًا رمزيًا قويًا للمبادرة. فالالتفاتة لا تُقرأ فقط في بعدها الإنساني، بل أيضًا في إطار الالتزام التاريخي للمغرب بالقضية الفلسطينية، والذي يتجاوز التصريحات إلى أفعال ملموسة.
ومن منظور فلسطيني داخلي، ينظر الكثيرون إلى هذه المبادرات باعتبارها تجسيدًا لشبكة علاقات المغرب الدولية في خدمة الشعب الفلسطيني، بدل الاكتفاء بالشعارات.


جانب من من المساعدات الملكية المغربية لسكان غزة

التميّز في الساحة الإقليمية
يكشف الواقع أن المبادرة المغربية تكشف فراغًا إقليميًا في الدعم الملموس لغزة. إذ رغم كثرة التصريحات الداعمة من دول عديدة، يبقى المغرب الفاعل الوحيد القادر اليوم على إيصال مساعدات بهذا الحجم والنسق المباشر. هذا التميز يعكس ثلاثية متلازمة:
أولا، المصداقية المتمثلة في العمل على الأرض بدل الخطاب.
ثانيا، الالتزام بمعنى استمرارية الدعم وعدم ارتباطه فقط بالظرفيات.
ثالثا، الجدية المتمثلة في آليات عملية مضمونة الوصول.

قراءة أوسع
تتجاوز هذه المساعدات بعدها الإنساني لتشكل رسالة سياسية ودبلوماسية. فالمغرب يقدم نفسه كفاعل دولي مسؤول، يجمع بين الشرعية الدينية (لجنة القدس)، والقدرة اللوجستية (نقل المساعدات المباشر)، والرصيد الدبلوماسي (قبول مختلف الأطراف). هذه العناصر تجعل المبادرة رافعة للقوة الناعمة المغربية، حيث يتم الاستثمار في القضية الفلسطينية كقضية جامعة ومشروعة دوليًا لإبراز صورة المغرب كدولة متوازنة وذات مصداقية.

إن مساعدات المغرب الإضافية إلى غزة ليست مجرد شحنة إغاثية من المواد الغذائية والأدوية، بل هي رسالة مركبة تحمل دلالات إنسانية وسياسية ودينية ودبلوماسية. ففي لحظة يُعاني فيها الفلسطينيون من العزلة والحرمان، يبرز المغرب كصوت وعمل ملموس يُجسد التضامن العملي، ويؤكد أن دعمه لفلسطين ليس شعارًا ظرفيًا بل مسارًا استراتيجيًا ثابتًا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار