: آخر تحديث
في ندوة نظمت بتعاون مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد

"منتدى أصيلة" يناقش أُسس وطموحات وتحديات مبادرة "إفريقيا الأطلسية"

4
2
3

إيلاف من أصيلة: شدد مشاركون، في ندوة "إفريقيا الأطلسية: نحو رؤية إفريقية متكاملة للفضاء الأطلسي"، المنظمة أخيرا بالتعاون مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ 46، في دورته الخريفية، على أهمية تملك الدول المعنية لهذه المبادرة، واقتناعهم بأن فيها مصلحة لجميع دول المنطقة.

وتناولت الندوة، التي عرفت مشاركة باحثين وخبراء مختصين، مقومات التفكير في السياق المتسارع لإعادة تشكيل التوازنات الاستراتيجية العالمية، حيث يبرز الفضاء الأطلسي كمركز تجمع لمصالح عدة، تشمل القضايا الأمنية، وديناميات الطاقة، والطموحات الاقتصادية والتنافس الجيو سياسي.

وسعت الندوة إلى مساءلة الأُسس والطموحات والتحديات التي تطرحها المبادرة، بما في ذلك الشروط السياسية والمؤسساتية والحوكمة البحرية، وطرق تثمين موارد الربط بين الموانئ والانتقال الاخضر، بغاية تجاوز منطق المبادرات المجزأة، واستكشافآليات تعاون جنوب – جنوب، قادرة على تجديد مسار الاندماج الإفريقي عبر المحيط الأطلسي.

منصة للتشاور والتعاون

قال حاتم البطيوي، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، إن العالم يشهد تغيرات كبيرة في توازناته السياسية والاقتصادية، بينماأصبح الفضاء الأطلسي من أهم المجالات التي تتقاطع فيها مصالح كبرى تتعلق بالأمن والطاقة والتنمية.


حاتم البطيوي امين عام مؤسسة منتدى أصيلة يلقي كلمة تقديمية 

وفي الوقت الذي تتحرك فيه قوى دولية خارج إفريقيا بخطط واضحة، يضيف البطيوي، ما زالت الدول الإفريقية الأطلسية بحاجة إلى رؤية مشتركة تعبر عن إمكانياتها الكبيرة. وهنا، يضيف قائلا، تبرز أهمية المبادرة الأطلسية للدول الإفريقية، التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ليست مجرد إعلان، بل هي تصور عملي لبناء منصة للتشاور والتعاون بين الدول الإفريقية الأطلسية، حتى يكون لها صوت جماعي في قضايا الأطلسي. وأضاف أن الأمر يتعلق بجزء من رؤية أكبر تشمل مشاريع كبرى مثل خط أنابيب الغاز المغرب – نيجيريا، والمبادرة الملكية لمنح دول الساحل منفذا استراتيجيا إلى المحيط الأطلسي.

مصالح مشتركة

قالت نزهة الشقروني، الوزيرة والسفيرة المغربية السابقة، في كلمة تقديمها للمشاركين، إن الندوة تأتي في سياق إعادة إعادة تشكيل التوازنات الاستراتيجية العالمية، حيث أصبح الفضاء الأطلسي ملتقى رهانات أمنية، وطاقية، وجيو - اقتصادية وجيوسياسية.


وزيرة والسفيرة السابقة نزهة الشقروني

وأضافت أنه بينما تطور القوى غير الإفريقية استراتيجياتها الواضحة في هذا الفضاء، ما زالت الدول الإفريقية تواجه صعوبة في بلورة رؤية مشتركة.

وقالت إن مبادرة إفريقيا الأطلسية، التي أطلقها ملك المغرب، تروم بناء قاعدة للتشاور والتعاون، قائمة على مصالح مشتركة، مشيرة إلى أنها تنسجم مع مبادرات إقليمية أخرى مثل مشروع خط أنابيب الغاز المغرب – نيجيريا، وخصوصا تمكين بلدان الساحل من الولوج الاستراتيجي إلى المحيط الأطلسي.

ساحة للتعاون

من جهته، قال السفير محمد لوليشكي، باحث أولي في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أستاذ بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، إن المحيط الأطلسي يشهد اليوم تحولا في موقعه داخل الخريطة الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، بحيث لم يعد مجرد مجال بحري يربط بين ضفتين، بل أصبح ساحة للتلاقي والتعاون والتنافس.


السفير السابق محمد لوليشكي

وجاء كلام لوليشكي، في مستهل جوابه عن سؤال طرحته عليه الشقروني، حول الكيفية التي يمكن بها لإفريقيا الأطلسية أن تجسد إقليمية براغماتية متضامنة قادرة على تجاوز المنطق الجيوسياسي البحث من أجل بناء آلية لتعاون اقتصادي وأمني في خدمة الشعوب.

وتحدث لوليشكي، في هذا السياق، عن إفريقيا الأطلسية كمفهوم استراتيجي جديد يدعو إلى صياغة رؤية إفريقية متكاملة للفضاء الأطلسي، تتجاوز ما هو تقليدي، بحيث تصبح للقارة موقع مؤثر في المعادلة الدولية.
وتطرق لوليشكي إلى مبادرة ملك المغرب لتفعيل دور إفريقي يمَكن القارة من الانتقال من موقع المتلقي للقواعد والمعايير إلى فاعل قادر على بناء منصات إقليمية ودولية تصوغ التوازنات وتحدد اتجاهات المستقبل.

وقال لوليشكي إن المبادرة جاءت في خضم تحولات إقليمية ودولية غير مسبوقة تتسم بحالة من تآكل الثقة وفرض أسبقية المصالح الضيقة على روح التآزر والتضامن والتعاون، بينما تحولت الشراكات إلى صفقات مشروطة وظرفية تتأثر بتبدل المصالح. 

وأشار لوليشكي إلى أن المغرب، تمكن خلال العقدين الماضيين من ترسيخ مكانته كمحور استراتيجي في الفضاء الأطلسي، في عدد من المجالات التي عززت دوره، وأكدت مكانته كصلة وصل بين الشمال والجنوب، وبين الشرق والغرب. وأضاف أنه يمكن القول إن المغرب قد تحول إلى منصة نشطة لإطلاق مبادرات وصياغة حلول مشتركة، مشيرا إلى أن التجربة المغربية تحمل جملة من الدروس التي يمكن البناء عليها لصياغة رؤية إفريقية متكاملة للفضاء الأطلسي.

وشدد لوليشكي على أن الرؤية الإفريقية المستقبلية ينبغي أن تركز على تنسيق المبادرة الطاقية بين الدول الأطلسية، على غرار أنبوب الغاز مع نيجيريا.

وأضاف لوليشكي أن إفريقيا الأطلسية ليست مجرد امتداد جغرافي أو توصيف جغرافي جديد، بل رؤية استراتيجية قادرة على إعادة صياغة التوازنات في المحيط الأطلسي، ومنح القارة الإفريقية دورا فعالا وفاعلا في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.

وشدد لوليشكي على أن إنجاح مبادرات اندماجية فعالة، على غرار المبادرة الأطلسية، التي وإن كانت مبادرة وليس مشروعا مكتملا، يتطلب أن تتملكها كل الدول الإفريقية المعنية، وأن تدلو بدلوها وأن تشارك فيها بقناعة ومسؤولية. 

تموقع مغربي

بدوره، تطرق طارق ازيرارن، الكاتب الدائم لمسار الدول الإفريقية الأطلسية، ومستشار دبلوماسي بوزارة الشؤون الخارجية، ومدير مساعد سابق للسياسات والشراكات الاستراتيجية لدى مكتب الأمم المتحدة للتعاون جنوب - جنوب، إلى الدور القيادي للمغرب على مستوى طرح المبادرة الأطلسية، في علاقة بموقعه داخل المنطقة، وذلك بشكل يبرز الدور الفاعل والريادي لإفريقيا. وشدد على أن هناك عدة عوامل تمكن المملكة من هذا التموقع، بشكل يسمح بتقبل هذا الدور القيادي على مستوى المنطقة.

وأشار ازيرارن، أولا، إلى أن المغرب رافع دائما من أجل مصالح إفريقيا، ودفع في اتجاه أن تقدم القارة حلولها لمشاكلها الخاصة. ورأى ثانيا، أن المغرب مندمج على مستوى القارة الإفريقية، ممثلا لذلك بحجم الاستثمارات المغربية فيها. وتحدث ثالثا، عن دور الربط الذي يقوم به المغرب كمنصة تربط إفريقيا بقارات ومناطق أخرى.

وتحدث ازيرارن عن رؤية مندمجة، تقوم على ثلاث دعامات، أولاها الحوار السياسي والأمني، وثانيها البعد الاقتصادي، وثالثها تحقيق التنمية.

وخلص ازيرارن إلى أن هدف المبادرة مساعدة الدول الإفريقية على الاندماج أكثر، لكي تلعب دورها كفاعل أساسي في الحكامة البحرية، وخصوصا على مستوى الحوض الأطلسي.


جانب من نقاش الجمهور

ماذا ولماذا وكيف؟

طرح جمال مشروح، باحث أولي، مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أستاذ بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، ثلاثة مداخل لورقته، توزعتها أسئلة "ماذا"، "لماذا" و"كيف"؟.

وقال مشروح إن الأمر لا يتعلق بمبادرة بل بمبادرتين، تهم الأولى 23 دولة إفريقية أطلسية، تمتد من المغرب إلى جنوب إفريقيا. فيما تهم الثانية أربع دول غير مطلة على البحر، هي تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاصو.

قال مشروح إن الأمر لا يتعلق، في ما يخص مبادرات المغرب، بقطيعة في السياسة الخارجية للمغرب؛ بل بمبادرات تستحضر وتستعيد إرثا ورأسمالا إفريقيا للدبلوماسية المغربية.

وأضاف مشروح أنه بالنسبة لدول الساحل، ومبادرة تسهيل وصولها إلى الأطلسي، لا يتعلق الأمر، فقط بطريق تربط هذه الدول بالساحل الأطلسي، بل بمبادرة بطابع اقتصادي وسياسي، وعلى علاقة بالبنية التحية، إذ تربط هذه الدول بسبل الازدهار وتطوير الاقتصاد وضمان الاستقرار.

وقال مشروح إن المبادرة الأطلسية تقوم على ثلاث أفكار: أهمية البحر، وقيمة الاندماج وإعادة التفكير في إفريقيا ليس كمفهوم أمني وعسكري بل كمفهوم اقتصادي وتنموي.

وشدد مشروح على أن المبادرة تحتاج إلى رافعات لترجمتها، أهمها احتضان وتملك الدول المعنية لها، واقتناعهم بأن الأمر فيه منفعة لكامل المنطقة.     


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار