في قرية خيثرون في هولندا، تلك القرية السياحية الهادئة جدا والمشهورة بجداولها وقنواتها وقواربها الصغيرة، قام مجموعة من الشباب الناطقين بالإنجليزية بإحداث فوضى عارمة وإزعاج شديد، وأظن أنهم من تلك الدولة التي اشتهر جماهير كرة القدم فيها بإحداث الفوضى الموجبة للحيطة في مناسبات كرة القدم، لكن المناسبة ليست مباراة كرة قدم، بل سياحة هادئة جدا لا يسمع فيها غير حركة الماء وهمس السياح القادمين من كل مكان.
قام أولئك الفتية بأصناف المخالفات والإزعاج اللافت للنظر، بدأ بالتجاوز بقواربهم والاصطدام بالقوارب الأخرى وإخافة راكبيها ثم القفز من القوارب بصدور عارية في الماء ثم بتوسيخ الطريق أمام الناس في مشهد مقرف وممنوع.
بسماع الهمس الواضح منه التذمر والاستغراب تحدثت مع سيدة هولندية تملك منزلا تؤجره، وسبق أن سكناه فقالت إن هؤلاء قاموا البارحة بتوسيخ حديقة جارتي وترك بقايا طعام ونفايات في الحديقة ومازالت المسكينة تستأجر شركة نظافة لتنظيف ساحة وحديقة منزلها.
عجبا! كيف أن كل مشاهد ونتائج هذه الفوضى والإزعاج لا تلفت نظر الإعلام مثلما يحدث مع ما يسببه السياح العرب من لفت نظر، ولا يثير الرأي العام ومشاعر السكان مثلما يحدث ضد كل ما هو عربي، علما أن لفت النظر من السياح العرب (خاصة أهل الخليج العربي) يقتصر على استعراض السيارات ومظاهر الترف ولا يمس المشاعر ولا يشتمل على تشويه بصري أو إتلاف ممتلكات عامة ولا خاصة أو سلوكيات خادشة للآداب العامة، إلا ما ندر، ومع ذلك نجد تركيزا إعلاميا وتضخيما لكل ما هو عربي (عامة) وخليجي (خاصة) بما يثير الكراهية ضد العرب والخليجيين.
وكأن الفوضى والإزعاج بالإنجليزي أصبحت مباحة ومسموحة أو يغض عنها الطرف، بل أعتقد أن لنا دورا نحن في بعض إعلامنا العربي ومواقع التواصل، فنحن نجيد جلد الذات بسياط غير منصفة ولا عادلة وأحيانا ظالمة بقصد.