> حين بدأت مهنتي باكراً في مطلع شبابي جاءني رجلٌ غريب ووضع يديه على الطاولة أمامي ومن دون سلام بادرني: «لماذا تكتب كثيراً عن الأفلام الأميركية؟».
> كان المتحدث كاتب سيناريو يساري له أعمال معروفة. قلت له: «لأن معظم ما يعرض في البلد أميركي ومعظم الأفلام التي يُقبل عليها الجمهور أميركية. عرفت الآن السبب؟».
> ترك الطاولة سريعاً كما جاءها سريعاً. اقتنع أو لم يقتنع ليس شأناً يهمّني. ما شعرت به آنذاك (في مطلع السبعينات) بأنني قد أكون متهماً بين فريق من المثقفين بأني يميني.
> هذا لم يمنعني من الكتابة على النحو نفسه. لا فرق عندي في مصدر الفيلم ونوعه وحتى فيما يطرحه، لأن النقد (أيّ نقدٍ في أي مجالٍ) يستند إلى العلم بالمنقود وليس إلى الرأي الشخصي.
> نعم، لطالما قصدت مركز «جون ف. كندي» الثقافي لأستعير كتب سينما أو للمطالعة، لكني أيضاً كنت أقبل دعوة تظاهرات فيلمية تقيمها مراكز أخرى من الشرق والغرب. وأول مهرجان قصدته في حياتي كان «موسكو».
> النغمة نفسها ما زالت سائدة لليوم: «لماذا لا تنتقد سياسة العدوان الأميركي ودعمها لإسرائيل؟». هكذا جاء في رسالة تسلمتها مؤخراً ورددت عليها بالقول: «أتابع السياسة ولديّ آرائي، لكني لا أكتب في السياسة لأن هذا ليس اختصاصي».
> جواب كهذا لا يرضي كثيرين. الحال أنّ شرخاً لا يزال موجوداً بين كثيرين من المثقفين (وعدد أكبر من الناس)، والنقاد المحترفين ما دام أنه ليس من واجبات النقد أن يحكم على الفن بأدوات ومعايير غير فنية.