: آخر تحديث

دبلوماسية انتزاع الحقوق

8
6
6

حمود أبو طالب

الزخم الذي حدث مؤخراً بمقر الأمم المتحدة في نيويورك من أجل القضية الفلسطينية وحل الدولتين بمبادرة المملكة وفرنسا، يمكن اعتباره أهم حدث عملي في المسار المعقد لهذا الملف منذ وقت طويل. لقد وضع المجتمع الدولي أمام امتحان أخلاقي واختبار إنساني للحقوق والقوانين والشرعية التي يتحدث عنها في منابره، لكنها حين تتعلق بالحق الفلسطيني يحدث النكوص والتراجع، والتهرب من تحمل المسؤولية.

المؤتمر الذي قادته المملكة وفرنسا على مدى يومين تم الإعداد له جيداً، وباحترافية سياسية عالية. لم تكن الطروحات خلاله إنشائية تستدر التعاطف، بل كانت مواجهة بحقائق التناقضات التي يمارسها المجتمع الدولي بخصوص فلسطين وشعبها، والتواطؤ الفاضح مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. الكلمات التي ألقاها ممثلو دول العالم التي شاركت شكلت تحولاً نوعياً في الخطاب، وأحرجت المترددين الذين يخشون تبعات الاصطدام بالموقف الأمريكي المساند لإسرائيل دون تحفظ. لقد لمسنا خلال المؤتمر توجهاً مختلفاً من شأنه إعطاء زخم كبير لاجتماع الجمعية العمومية في سبتمبر المقبل، حيث سيكون حل الدولتين هو الموضوع الرئيسي.

من نتائج المؤتمر أننا كسبنا موقفاً جديداً في غاية الأهمية لبريطانيا لصالح حل الدولتين عندما صرح وزير خارجيتها أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية إذا لم تتوقف مجازر غزة، صحيح أنه موقف مشروط لكنه تحول كبير في سياسة دولة كبرى ارتبطت تأريخياً بإنشاء دولة الاحتلال واستمرارها.

لقد أثبتت التجارب على مدى ثمانية عقود أن الشعارات لن تجلب حقاً للفلسطينيين، وحده العمل الدبلوماسي الاحترافي الكثيف، والضغط المتواصل على المجتمع الدولي باستخدام أوراق الحقائق، هو الكفيل بتغيير قواعد اللعبة، وهذا ما فعلته المملكة بمشاركة فرنسا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.