سارا القرني
الحرية.. تلك الكلمة التي يتغنّى بها الجميع، لكنها عند التأمل ليست كما يظنها الكثيرون.
ليست انفلاتًا من الضوابط، ولا خروجًا عن السياق، بل هي وعيٌ ومسؤولية، تبدأ من الذات ولا تنتهي عند حدود الآخرين.
الحرية الحقيقية مرتبطة بقيم، بجذور، بتقاليد تحترم التوازن الاجتماعي، وتُراعي كرامة الإنسان وحدود الآخر.
هي أن تقول رأيك دون أن تُهين، أن تعيش بطريقتك دون أن تُفسد، أن تُعبّر عن ذاتك دون أن تتعدّى على غيرك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا ضرر ولا ضرار».
وهو الحديث الذي يمكن اعتباره قاعدة ذهبية للحرية:
كل ما كان ضرره أكبر من نفعه.. ليس حرية، بل تجاوز.
أما التحرر، فهو مفردة باتت يتخفّى خلفها كثير من السلوكيات التي لا تشبهها.
التحرر في مفهومه المعاصر صار يعني كسر كل قاعدة، والتمرد على كل قيمة، والرفض التام لأي قيد.. حتى لو كان هذا القيد أخلاقيًا أو إنسانيًا.
الفرق بين الحرية والتحرر، أن الأولى تبني، والثانية تهدم.
الحرية تخلق بيئة آمنة، متزنة، تحفظ للفرد كرامته وللمجتمع استقراره.
أما التحرر المطلق..
فهو كالريح الهوجاء، لا تبقي ولا تذر، تعصف بالقيم وتُنتج جيلاً لا يعرف إلا «أنا»، دون أدنى اعتبار لـ»نحن».
في زمن العولمة، والانفتاح اللامحدود، أصبحنا بحاجة ماسّة إلى ترسيخ مفهوم الحرية الواعية، التي تعرف كيف تتنفس دون أن تخنق من حولها، وكيف تعبر دون أن تدهس، وكيف تقتنع بأن احترام القانون ليس ضعفًا.. بل نُبل.
فليكن شعارنا:
حرّ بما لا يضر، وليكن نبراسنا دائمًا ذلك الحديث النبوي العظيم الذي اختصر كل معادلات التوازن:
«لا ضرر ولا ضرار».
فالحرية لا تعني أن تفعل كل شيء، بل أن تختار ما لا يُسيء.. لك ولغيرك.
بين الحرية والتحرر.. فاصل من الوعي.