إيلاف من دبي: في عمر التاسعة عشرة.. حيث يتلمّس الكثيرون أولى خطوات الشباب والتفكير بالمستقبل، كان هناك شاب إماراتي يتخرج عام 2001 من أكاديمية "ساند هيرست" العسكرية الملكية في بريطانيا.. إحدى أعرق مؤسسات إعداد القادة في العالم.
هناك، في بيئة قاسية تحكمها القواعد الصارمة، تشرّب الشاب سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، فلسفة العَزْم، والانضباط، والمسؤولية.. قيم حيوية يحتاجها الإنسان في حياته العملية والخاصة إذا كانت تترتب عليه مسؤوليات كبيرة.
عاد إلى وطنه لا كطالب أنهى تعليمه، بل كقائد صقلته ميادين الانضباط، والالتزام.
لكن ساند هيرست لم تكن الفصل الأخير، فالمدرسة الأعمق أثراً كانت مدرسة والده، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
"تخرجت من مدرسة محمد بن راشد، وتعلمت وما زلت أتعلم منه كل يوم" ــ هكذا يصف الشيخ حمدان بن محمد مصدر الإلهام الأعمق في حياته.
على مدار السنوات اللاحقة، ظل الشيخ حمدان داعماً وحاضراً في المشهد العسكري المحلي.
وفي الأول من شباط (فبراير) 2008، أصدر الشيخ محمد بن راشد، مرسوماً يقضي بتعيينه ولياً للعهد في إمارة دبي.

الشيخ حمدان بن محمد وناشر إيلاف عثمان العمير في دبي (أرشيفية)
كان ذلك التعيين تتويجاً طبيعياً لمسار تشكل مبكراً على الانضباط والتدرج في تحمل المسؤوليات، ومسؤولية جاءت في توقيت مفصلي لدبي، وهي تمضي نحو تحولات اقتصادية ومؤسسية كبرى، تتطلب حضوراً قيادياً يعرف الميدان، ويدرك متطلبات المرحلة.
فأولى الشيخ حمدان بن محمد رعاية خاصة للمؤسسات والكليات العسكرية في الدولة، وحرص على حضور تخريج دفعات الضباط والجنود، ودعم جهود تطوير المناهج العسكرية، ورفع كفاءة الكادر البشري.
لم تكن مشاركته رمزية، بل فاعلة ومستمرة يلتقي بالقيادات الشابة، ويشيد بالكوادر الوطنية، ويؤكد في كل مناسبة أن المؤسسة العسكرية ليست فقط خط الدفاع الأول، بل حجر أساس في استقرار الدولة ومستقبلها.
وفي تموز (يوليو) 2024، عُيّن الشيخ حمدان وزيراً للدفاع، ليكون ثاني شخصية تتولى هذا المنصب في تاريخ الدولة بعد والده.
وفي احتفال لتخريج دفعات من كلية زايد العسكرية، وصف الانتماء للمؤسسة العسكرية بأنه "وسام عزّة وشرف" يتطلّب مسؤولية وطنية عميقة، لحماية المكتسبات وتعزيز الطموحات التنموية.
رؤية تتقاطع مع التوجه الاستراتيجي للدولة نحو تعزيز الجاهزية الشاملة، ورفع كفاءة القوات المسلحة، عبر تطوير القدرات البشرية والتكنولوجية في آن.
وبعد عام واحد فقط في تموز (يوليو) 2025، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، مرسوماً بترفيعه إلى رتبة فريق أول، في خطوة تُترجم الثقة بالمكانة القيادية التي يحتلها على مستوى المنظومة الدفاعية الاتحادية.
اليوم، يقف الشيخ حمدان بن محمد كأحد رموز الجيل الجديد من القادة..
قائد لا يُرى فقط في قاعات الاجتماعات، بل في تفاصيل البناء، ودعم الكوادر، وتصميم السياسات الدفاعية القادرة على مواكبة المتغيرات.