يعد خور عبدالله من أبرز معالم الكويت، وسُمِّي بهذا الاسم نسبةً إلى حاكم الكويت الثاني الشيخ عبدالله بن صباح 1762 – 1812م.
وتمتد أعمال الملاحة البحرية للكويتيين في خور عبدالله لأكثر من ثلاثمائة سنة حين كان النشاط البحري مطلقًا للسفن الكويتية في كامل الخور، فلم يكن للعراق آنذاك أسطول بحري مثل ما كان لدى الكويتيين.
وتؤكد سجلات جمارك الفاو والبصرة تلك الحقيقة، كما تؤكدها روزنامات قباطنة السفن الكويتية (النواخذة) وقد نشر منها مركز البحوث والدراسات الكويتية ما يزيد عن عشرين روزنامة وبيان بمئات من نواخذة السفن المشهورين الذين نقلوا تمور جنوب العراق إلى الهند وجنوب الجزيرة العربية لبيعه هناك، أما سكان جنوب العراق فكانوا يعملون بالفلاحة، ولا عيب في ذلك؛ فالبحر لأهل البحر، وهم الكويتيون الذين يعرفون كل بقعة فيه، ولا نجد من اشتهر من أبناء العراق في ذلك المجال.
كما أن خريطة كوشيرون - آموت هي اعتراف واضح وموضوعي بحقوق الكويت في خور عبدالله، وقد تم ذلك في عهد عبدالكريم قاسم ووثقتها الحكومة العراقية وهي محفوظة الآن في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وبني عليه قرار 833 الدولي. وهذا أمر لا ينبغي أن يغيب عن إخواننا العراقيين.
ورد اسم خور عبدالله مقرونا بالكويت في العديد من الخرائط القديمة، وأولها الخريطة التي نشرت عام 1765م، ووضعها الرحالة الدنماركي كريستن نيبور في كتابه وصف شبه الجزيرة العربية.
أن الحدود الكويتية، التي وقَّعت عليها العراق عام 1932م، تشمل جزر الكويت التي تقع في نطاق خور عبدالله مثل جزر وربة وبوبيان ومسكان وفيلكا.
وهي الحدود ذاتها التي تم التوقيع عليها بين الدولتين عام 1963.
إن حكومة العراق عام 1959م قد كلفت الهيدروغرافي النرويجي كوشيرون - آموت تحديد المياه الإقليمية للعراق وترسيم الحدود البحرية مع الدول المجاورة. وقد صادقت الحكومة العراقية على خريطة كوشيرون وقدمتها إلى محكمة العدل الدولية التي كانت تنظر في قضية الجرف القاري للعراق المثارة آنذاك.
اعتمدت لجنة الأمم المتحدة في تحديد خط الوسط في خور عبدالله خطاًّ حدوديا بين الدولتين على أسس راسخة؛ وأهمها أن العرف الدولي واتفاقية البحار لعام 1982م، ينصان على أن خط الوسط هو الخط الحدودي بين الدول المتقابلة أو المتجاورة.
وهذا الخط هو نفسه الذي انتهى إليه تقرير كوشيرون - آموت الذي اعتمدته العراق نفسها في وقتها حدّا بحريا بينها وبين الكويت.
راعت لجنة الأمم المتحدة تأمين الممرات المائية في مدخل خور الزبير لصالح العراق بحيث ينحرف خط الترسيم في هذه المناطق إلى الجنوب داخل المياه الإقليمية الكويتية ليتيح للعراق الاستفادة من الجانب العميق من الخور الأكثر اتساعا،مما حرم الكويت من استغلال خور شتيانه في شمال جزيرة وربة،ورغم هذا فقد قبلت دولة الكويت بقرار اللجنة الدولية من منطلق سياستها الثابتة التي تدعو إلى التعاون مع المنظمة الدولية لحل المشكلات بطرق سلمية وودية.
يتبيّن للناظر في الخريطة الآن أن حصة دولة الكويت من مدخل خور الزبير وفق ترسيم لجنة الأمم المتحدة (مايو 1993) لا تتعدى 20% من عرض المدخل. مما يجعل مدخل خور الزبير لصالح العراق خلافاً لمبدأ المنتصف. فكيف يُقال أن ترسيم الحدود بين الكويت والعراق قد خنق منافذ العراق البحرية.
وقعت دولة الكويت مع جمهورية العراق عام 2013، اتفاقية "تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله" في ضوء قرار مجلس الامن رقم (833) لسنة 1993م، بشأن الحدود الدولية بين البلدين، واحترام حق المرور الملاحي للطرفين وفقا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وهو سلوك لاحق وتنفيذ عملي رسمي لترسيم الحدود البحرية الذي انتهت إليه اللجنة الدولية.
وختاماً، فإن للعراق منافذ بحرية وخط ساحلي طويل، وله مطلق الحرية في استقبال السفن وإرسالها في مجالها البحري الخاص بها. والكويت في الجزء الخاص بها من خور عبدالله لم تشكل أي حاجز أمام الملاحة البحرية.
فلتبق علاقة الدولتين أخوية تسودها الحكمة والتعاون، وليدرك الإخوة العراقيين أن التعنت غير مجد ولا يصب في مصلحة الطرفين. وأن احترام الاتفاقات الدولية أمر لا مناص منه.