: آخر تحديث
قريبًا.. قاعدة روسية في شرق ليبيا

هل يريد بوتين التدخل في فوضى الشرق الأوسط؟

28
30
29

تعمل موسكو على التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد جوية وبحرية في شرق ليبيا، وهذا ما يقلق الولايات المتحدة من استراتيجيات روسية قدر تساهم في الغليان المستعر اليوم في المنطقة

إيلاف من بيروت: تقترب الحكومة الروسية من الاتفاق على صفقة دفاعية مع الدولة الليبية، إذ ترغب موسكو في توسيع وجودها العسكري في البلاد. والنقاش قائم حول إنشاء قاعدة بحرية روسية في المتوسط، تشرف على أوروبا وعلى مسرح الحرب الحالي في إسرائيل وفلسطين.

وفي نهاية سبتمبر الماضي، أفادت تقارير إعلامية أن خليفة حفتر، القائد العسكري الليبي في شرق البلاد، التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. ويقال إن هذا الاتفاق كان قيد النقاش. فقد كان لروسيا وجود عسكري في ليبيا منذ فترة طويلة بفضل مجموعة فاغنر. لكن، منذ تحطم طائرة قائد فاغنر يفغيني بريغوزين الغامض، تولت وزارة الدفاع الروسية مسؤولية هذه المجموعة. والآن، وفقًا لمصادر مطلعة على الاتفاقية، مُنحت روسيا الإذن بتحديث "مجموعة من القواعد الجوية التي تشغلها فاغنر لاستيعاب القوات الروسية".

في طبرق

إضافة إلى ذلك، ممكن إنشاء نقطة دائمة لرسو السفن الحربية الروسية في ميناء طبرق الليبي، في مشروع يعد مشروعاً مهمًا لمستقبل روسيا في المتوسط. ووسع الكرملين منذ فترة طويلة أنشطته في أفريقيا والشرق الأوسط، إذ يرغب الروس في إنشاء قاعدة بحرية في السودان للوصول إلى قناة السويس وشبه الجزيرة العربية. علمًا أن في طرطوس السورية قاعدة روسية بحرية على المتوسط.

تنظر الولايات المتحدة بعين القلق إلى هذه الأنشطة الروسية في ليبيا، لأنها قد تؤدي إلى زعزعة استقرار ليبيا مرة أخرى. وقال قائد القوات الأميركية في أفريقيا الجنرال مايكل لانغلي والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند إنهما حثّا حفتر على عدم إتمام هذه الصفقة، خصوصًا أن الشرق الليبي غني بالنفط.

وعلى خلفية حرب غزة، يشير توقيت هذه الصفقة العسكرية إلى أن روسيا لا تريد البقاء على الهامش، بينما دفعت الولايات المتحدة بحاملات طائرات إلى المتوسط، وأرسلت إلى إسرائيل أسلحة تبلغ قيمتها 14.5 مليار دولار.

مساع للتهدئة

دبلوماسيًا وسياسيًا، حاولت روسيا تهدئة الوضع بعد هجمات حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر التي خلفت ما يصل إلى 1400 قتيل إسرائيلي، وسعت إلى تحقيق التوازن وشددت على علاقاتها مع الإسرائيليين والفلسطينيين، مؤكدةً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. أما سبب ذلك فهي علاقات روسيا القديمة مع طرفي الصراع. الاتصالات قائمة مع الفلسطينيين، خصوصًا مع حماس التي أرسلت وفدًا إلى موسكو في مارس الماضي. لكن ثمة العديد من أوجه التشابه مع إسرائيل، بما فيها حقيقة أن عددًا من الإسرائيليين هم مواطنون روس، كما أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف مرارًا.

لكن الاختيار الروسي للكلمات المستخدمة أصبح أكثر قسوة في أعقاب القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، والذي أودى بحياة أكثر من 11 الفًا من السكان، 40 في المئة منهم من الأطفال، وبعدما تسبب الحصار في كارثة إنسانية. وأعرب الرئيس الروسي عن قلقه المتزايد من الحرب. وبينما يشن الكرملين حربًا قاسية في أوكرانيا أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين ، قال بوتين في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 11 أكتوبر إنه يخشى تصعيد الوضع. ووفقاً لتقرير الكرملين، أعرب أردوغان أيضاً عن أسفه لاستهداف "المنشآت المدنية". فتركيا لا تجد الهجمات الإسرائيلية مقبولة، وهنا أيضاً تبدو المعايير المزدوجة واضحة. في الوقت نفسه، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية أنقرة في التورط بهجمات في شمال شرق سوريا أدت إلى تعطيل إمدادات المياه والكهرباء. وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الانتهاكات "تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة لملايين الأشخاص".

تطالب موسكو بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، فيما استخدمت الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وبريطانيا حق النقض (الفيتو) ضد القرار الذي قدمته روسيا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 16 أكتوبر والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار. كما حذر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف مراراً من مخاطر نشوب حرب موسعة إقليمياً إذا استمرت حرب إسرائيل في غزة.

خروج عن السيطرة

إذا تصاعد الصراع على المستوى الإقليمي، هناك خطر خروج الأحداث عن نطاق السيطرة. ومن ثم يمكن لروسيا أن تدعم إيران. ولذلك، الحرص الروسي على إقامة قاعدة في شرق ليبيا يؤكد رغبة موسكو في تأمين مصالحها في المنطقة عسكريًا، وهي لا تهتم كثيرًا بالمصالح والتهديدات الأميركية.

حذر جورج بيبي وأناتول ليفن من معهد كوينسي من أن المزيد من التصعيد قد يضع الولايات المتحدة في مواجهة روسيا والصين في الشرق الأوسط. ونظراً للعداء العميق بين الولايات المتحدة وروسيا بسبب الحرب الأوكرانية، فإن روسيا تريد أن تسبب المشاكل للولايات المتحدة، وأن تستغل الغضب الدولي من القصف الإسرائيلي على غزة، لتعزيز علاقاتها مع إيران والدول العربية.

في الوقت نفسه، يؤكد خبراء في السياسة الخارجية أن موسكو تتمتع بعلاقات جيدة مع إسرائيل، فهي شريك اقتصادي مهم وموطن لأكثر من مليون مهاجر روسي. إضافة إلى ذلك، إذا دخلت إيران الحرب، فهذا يعني أن لا مزيد من المسيرات الإيرانية لنصرة الروس في أوكرانيا.

أوضحت روسيا موافقتها على إقامة الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين الذي يضمنه المجتمع الدولي. وبحسب موسكو، إنه الحل الوحيد القادر على ضمان السلام في المنطقة. ووفقاً للكرملين، الحرب لا ترسي الأمن. وهذا هو الموقف الذي نصت عليه العديد من قرارات الأمم المتحدة. مع ذلك، في الوقت الحالي، يبدو أن الحل المدني للصراع لا يزال بعيد المنال. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها ديفيد جوسمان ونشرها موقع "تيليبوليس" الألماني
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار