: آخر تحديث

سبب الحيرة في فهم أداء سوق الأسهم.. وما الذي يدعم الاستثمار فيه ؟!

2
2
2

محمد سليمان العنقري

حالة من الحيرة عبَّر عنها أغلب المتعاملين، خصوصاً الأفراد، في سوق الاسهم السعودية نتيجة الأداء غير المفهوم لحركة المؤشر المتراجعة، و التي تسير عكس أداء أغلب الأسواق العالمية والاقليمية؛ فجميع العوامل التي يتحدد بموجبها قرار الاستثمار إيجابية، ومع ذلك هناك تراجع بالاداء وبالسيولة مما فرض حالة الحيرة والاستغراب لدى المتعاملين بالسوق، بل وبعض المحلليين الذين يفترض لديهم قراءة وجواب حول مجريات حركة السوق وقد طرحت افتراضات عديدة عن سبب هذا الأداء السلبي، حيث تراجع المؤشر قرابة 10 بالمائة من بداية العام، وكان من الاكثر تراجعاً بين أسواق المنطقة والعالم؛ فبعض هذه الاحتمالات ذهب باتجاه زيادة ربط الاموال بودائع او شراء صكوك على أساس أن عائدها أفضل وهي معدومة المخاطر وبعضها ذهب إلى أن أموالا ساخنة اتجهت للسوق الأمريكي، وذلك بالاعتماد على تقارير كشفت عن ارتفاع سيولة السعوديين التي تتداول بالاسواق الامريكية

واقعياً، فإن مصادر الاموال التي تستثمر أو تضارب في اسواق المال عديدة ولا يمكن اعتبار عوامل احتمالات نزوح السيولة عن السوق أنها دقيقة؛ فالمستثمر يبحث بالأساس عن فرص مستقبلية ولا يهتم بأي ظروف قصيرة الامد إضافة إلى أن الاسواق أساساً تستهدف جذب الاموال الاستثمارية متوسطة وطويلة الامد.

أما الأموال الساخنة فهي تتنقل بين الاسواق والاصول بشكل دائم، ولذلك وصفت بهذا الاسم لكن ما يعنينا في حالة سوق الاسهم السعودية هو القراءة المقاربة للواقع وليست المتأثرة بسلوك مؤقت ينتج عنها قرارات عاطفية تحت ضغط تأثير ضعف الاداء دون تمييز بين التحليل الذي يكشف للمستثمر، هل هذا الوقت مناسب للاستثمار أو الابتعاد الى اصل او قناة استثمارية أفضل ؟

ولمحاولة الإجابة على هذا السؤال، فيجب النظر إلى مجموعة من العوامل الاساسية، أولها ما صدر حول نمو الاقتصاد السعودي للربع الثاني من هذا العام عند 3،9 بالمائة وهو من بين الاعلى في مجموعة العشرين، بينما نمّت الانشطة غير النفطية بنسبة 4،7 بالمائة وهي إشارة إيجابية أن خطط الإنفاق لتحقيق أهداف رؤية 2030 تسير وفق ما خطط لها.

إضافة الى ان معدل البطالة للمواطنين سجل ادنى نسبة تاريخياً عند 6،1 بالمائة وهو مؤشر مهم مما يعني ارتفاع دور المستهلك بدعم الطلب المحلي مما يعزز من نمو الاقتصاد.

اما معدل البطالة للسكان فهو منخفض جداً كما ان بيان الميزانية العامة والانفاق التوسعي للربع الثاني على التوالي يؤكد ما تحقق من نمو اقتصادي لذات الفترة كما قام صندوق النقد الدولي برفع توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي لهذا العام وكذلك للعام القادم وهو ما يعني زيادة بالنشاط الداخلي للاقتصاد مما سيرفع من الطلب محلياً وبالتالي ستزداد ايرادات قطاع الاعمال وترتفع ربحيته حيث تتمثل القطاعات بسوق الأسهم بالعديد من الشركات المهمة بكل قطاع او نشاط فرعي.

أما العوامل الخارجية فالرسوم الجمركية تراجع أثرها لأنها بالأساس ورقة تفاوضية، وقد حققت أميركا الكثير من الاتفاقيات المهمة مع أوروبا وبريطانيا واليابان وكوريا وتسير المفاوضات مع الصين بشكل إيجابي وهي الدول الأهم المستهدفة بالرسوم مما يعني ان الضغوط على الاقتصاد العالمي من هذه الحرب التجارية تراجعت بنسبة كبيرة إضافة إلى احتمال كبير بتوقف حرب روسيا اوكرانيا، وكذلك خفض التصعيد العسكري عالمياً وهي عوامل مهمة لعودة الاستقرار للاقتصاد العالمي، كما ارتفعت احتمالات توجه الفيدرالي الأمريكي لخفض الفائدة اعتباراً من سبتمبر المقبل مع توقعات بأن تصل الفائدة الى 3،5 بالمائة آخر العام الحالي؛ أي بتخفيض يبغ 75 نقطة أساس، وهو ما سيدعم نشاط الاقتصاد عموماً بخفض تكاليف التمويل على الشركات، وكذلك يدفع المستثمرين للاقتراض والاستثمار بأسواق المال بحسب طبيعة الفرص وعائدها مقارنةً مع أسعار الفائدة، وهو ما سيزيد من تدفق الاستثمارات لأن الفرصة بالأسهم ستكون أفضل.

أسواق المال لا يستند القرار فيها على أية ضغوط تكون معاكسة للواقع؛ لأن مثل هذه الحالة تسمى « مصيدة بيوع « تظهر بمرحلة التجميع للاستثمار التي تكون في مرحلة تراجع الاسواق والضغط عليها، وكلما زادت حالة الاحباط او اليأس لدى عموم المتعاملين الافراد الذين يتأثرون بلون الشاشة وليس بالاداء المالي والاساسي للشركات فإن احتمالات تغير اتجاه السوق تكون قريبة؛ لأنها نهاية مرحلة التجميع؛ فالمستثمر ينظر لمكرر الأرباح الحالي والمستقبلي ونسبة التوزيعات النقدية ومقارنتها بسعر الفائدة المستقبلي، وأيضاً الفرص البديلة والأرقام الأساسية للشركة والسوق والاقتصاد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد