عبد الله سليمان الطليان
بعيداً عن معترك الصراع في الحياة وشؤونها ومتطلباتها المختلفة التي تغرق العقل أحياناً في دوامة من التفكير الذي يجلب القلق الدائم. والذي لا يسري على الجميع، بل هناك من فكره في درجة أقل من الاضطراب والتوجس.
(مُعافى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ). ولكنه مع الأسف متبلّد العقل، يكتفي بإرضاء معدته، وهذا حدود تفكيره أحياناً الذي لا يخرج منه، أين هو من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (191) سورة آل عمران. وهناك آيات عدة تحث على التفكر نكتفي بهذه. هذا في واقع المسلم والذي لا يجب أن يتوقف عند هذا، بل يجب أن يتعداه إلى ما هو مفيد في دنياه، وخاصة لصالح عقله الذي يؤثر على جسده.
كنا نسمع في السابق مقولة السأم والملل والضجر من الحياة الذي ربط أكثر بتقدم العمر ولعل قول الشاعر زهير بن أبي سلمى خير مثال عندما قال:
سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش
ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ
أما الآن ومع تقدم علم النفس ظهرت كلمة (اكتئاب) التي فيها تشخيص عميق لهذا الاكتئاب الذي ينتج عن الآتي:
- مشاعر الحزن واليأس: شعور مستمر بالحزن، والفراغ، وفقدان الأمل.
- فقدان الاهتمام: عدم الاستمتاع بالأنشطة التي كانت تسبب لك السعادة في السابق.
- التقلّب المزاجي: سرعة الانفعال، الغضب، أو الشعور بالإحباط بسهولة.
- مشكلات معرفية: صعوبة في التركيز، اتخاذ القرارات، أو تذكّر الأشياء.
- مشاعر سلبية: الشعور المفرط بالذنب، انعدام القيمة، أو لوم الذات.
ومع أن هذه الأمور قاسيه في أثرها فإن علم النفس أوجد لها العلاج بطرق مختلفة إلا أن العنصر الأساسي وهو الأثر الديني العميق الذي يصل بالمسلم إلى الراحة النفسية وقول الله تعالى {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد. يبقى العلاج الحقيقي الفعَّال للخروج من دائرة الاكتئاب إلى جانب البحث والتأمل الدائم في خلق الله على هذه الأرض، ويمكن أن يختار المسلم أحد المواضيع التي يرى فيها معجزة في خلقها ويبحث فيها بتكثيف الاطلاع الجاد فإن هذا بمشيئة الله سوف يكون عوناً قوياً له على التغلب على الاكتئاب.

