: آخر تحديث

حين تكبر أسئلة الصغار

4
4
4

قلت للقلم: ما الذي أصابك، أحياناً تستحضر مفرداتٍ وألعاباً بلاغيةً، أكل الدهر عليها وشرب وغسل الصحون؟ قال: نيّالك، أنت على نيّاتك. ذلك كالقول إن التراث ارتحل، فماذا أنتم فاعلون في وداعه؟ هل لديكم منظومة قيم بديلة؟ مشكلة وجودية، أن تتخلّى أمّة عن ماضيها، فلم تعد تشبهه ولا هو يشبهها، ولكنها لم تشيّد جسراً متيناً إلى الحاضر، يذكّرك بجسر شاعرنا طرفة بن العبد: «كقنطرة الرّوميّ أقسم ربِّها.. لتُكتنفنْ حتى تُشاد بقرمدِ».ليس المقصود أعلى خيول الفيزياء والفيزياء الفلكية وعلوم الأحياء، فالأسئلة التي ستجعل أدمغة الأبناء والأحفاد، كالمروحة الكهربائية، هي: كيف لا نرى لأربعمئة مليون عربي، أيّ رأي أو موقف من أعجوبة تغيير خريطة الشرق الأوسط؟ هل اهترأ «بساط الريح»؟ أليس على جهة ما، سياسية، إعلامية، ثقافية، أن تلقّن الآباء كيف يستعدّون لأسئلة مراهقيهم، الذين هم «ترباية» طول الألسنة في وسائط التواصل؟ بماذا تجيب الأم أو الأب، إذا سألت الفتاة أو الفتى: هل للعالم العربي حضور ودور في المجتمع الدولي؟ هل الشرعية الدولية تشمل العرب أيضاً؟ هل يستطيع العالم الثالث أن يصدح أوبراليّاً باسم القانون الدولي؟ أم أن المتاح له هو العزف على القانون في مقام صبا؟ تخيّل الموقف التالي، فجأةً، تسألك نفسك: في أيّ عالم نحن، وإلى أين تجرف القوة المنفلتة الكوكب؟ ماذا يعني أن ترصد دولة خمسين مليون دولار لمن يعتقل رئيس جمهورية عضو في الأمم المنتحبة؟ أين حرمة الدول؟ وما رباطة الجأش الفولاذية هذه التي يتحلى بها أربعمئة مليون عربي، يموت أطفال غزّة أمامهم جوعاً، وقد حرمتهم الأقدار حتى طرافة القوم الذين كانوا يتجادلون في جنس الملائكة، بينما حصون بيزنطة تدك؟ يبدو أن الجدل العربي أحمى وطيساً، فقد دكّت أسوار قلعة الرشيد، وتهاوت حصون الشآم، وانهار مُلك مَلِك ملوك إفريقيا، وأهل المضارب الساق على الساق، والله أعلم بالمساق.لكن، طب نفساً، هل تذكر قول الثعلب كيسنجر: «من لا يسمع طبول الحرب فهو أصمّ»؟ كان عليه أن يدرك: من لا يرى دفع الله الناس بعضهم ببعض فهو أعمى. فلسفة التاريخ لا تنتهي إلى نتيجة مختلفة. من المؤسف أن تنتهي الحضارة الغربية إلى هذا الدرك الأسفل من القيم المضادّة. نهاية حزينة للبشرية، أن تكون تلك الإمبراطوريات وبهارجها، كلها خدعةً كبرى، فعندما اتضحت صورتها، اكتشف العالم عكس ما ادّعاه جوزيب بوريل، فالحضارة الغربية هي الأدغال.لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: أسوأ حظوظ الشعوب، أن تكون القوى المعربدة عديمة القيم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد