: آخر تحديث
ليس بالسلاح وحده تنتصر الدول

تايم: إسرائيل تريد إنهاء حماس.. وماذا بعد ذلك؟ 

36
33
34
مواضيع ذات صلة

تشعر واشنطن بالإحباط من فشل نتنياهو في تحديد أهداف للحرب في غزة تعتقد الولايات المتحدة أنها قابلة فعليًا للتحقيق، غير إنهاء حماس.

إيلاف من بيروت: يقول ماكس هاستينغز  في "تايم" إن الغرور البريطاني الدائم جلي في أنه حتى بعد الكشف عن بشاعة النضال ضد الماو ماو في الخمسينيات، "قام أسلافنا بمكافحة التمرد الإمبراطوري بشكل جيد. في الواقع، على الرغم من أننا كنا أقل قسوة من الفرنسيين والبلجيكيين، فإن العمليات البريطانية اعتمدت بشكل كبير على القوة أكثر من اعتمادها على العقل".

في كينيا، وعلى الرغم من أن التقديرات المحلية التي تشير إلى وفاة 90 ألف شخص تشي ببعض المبالغة، فقد تم نقل مليون شخص إلى "قرى محمية" موبوءة بالأمراض. يضيف هاستينغز: "يُقال أحيانًا إننا انتصرنا في مالايا بفضل التكتيكات الرائعة التي اتبعها الجنرال السير جيرالد تمبلر. والأهم من ذلك هو كراهية الملايو للمتمردين الصينيين ووعد لندن بالاستقلال". ففي كل حرب، أثبتت السياسة أنها تؤدي دوراً أشد أهمية من الدور الذي يؤديه الجنود، وهذه ليست حجة سلمية. فالقوة أمر لا غنى عنه لمكافحة التمرد، وللقضاء على الإرهابيين. ومن الصعب أن نتذكر حملة كبيرة انتهت من دون إطلاق نار.

جدل غير منطقي

يتابع هاستينغز  في "تايم": "قبل أن نناقش غزة اليوم، علينا أن نرفض الجدل غير المنطقي حول توصيف حماس. وبطبيعة الحال، أعضاؤها إرهابيون، تمامًا كما كان الحال مع قتلة EOKA في خمسينيات القرن الماضي في قبرص والماو ماو الكيني، والألوية الحمراء الألمانية في الثمانينيات، والجيش الجمهوري الإيرلندي. والأسلوب الذي اختاروه لتحقيق أهداف سياسية هو العنف الشنيع".

بحسبه، هددت مارغريت تاتشر، حين كانت زعيمةَ للمعارضة، برفض مقابلة مناحيم بيغن لأنه كان إرهابيًا سابقا وزعيم منظمة إرغون، فأقنعها مستشاروها بالتراجع، إذ صار بيغن رئيسًا لوزراء إسرائيل في عام 1977.
لكن في 7 أكتوبر 2023، أبرزت مذبحة الأبرياء همجية جديدة. 

يقول هاستينغز: "في معركة غزة اليوم، وعلى الرغم من أن عدد القتلى كبير، فإن حماس تستغل المستشفيات والمدارس كملاجئ للمقاتلين، وتستفيد من أجل دعايتها من كل فرصة لالتقاط صور أطفال رضع ملطخين بالدماء". لكن،  يضيف هاستينغز، إذ اتفقنا على أن حماس إرهابية، وأن العالم - وفيه إسرائيل - سيكون أفضل من دونها، "علينا أن نركز على القضية الوحيدة التي يجب أن تهم الساسة والجنرالات في القدس: هل يمكن أن تنجح حملة إسرائيل للقضاء على حماس بالقوة وحدها؟"

انتقام جماعي

في كتاب الليمون المر، رسم البريطاني لورانس دوريل صورة كلاسيكية للإرهابي: "ليست المعركة هدفه الأساس، فإنه يريد الانتقام من المجتمع كله، آملًا في أن يؤدي الغضب والاستياء الناجمان عن العقوبة التي يتعرض لها الأبرياء إلى جذب المناصرين". ثمة شعور بالإحباط في البيت الأبيض اليوم إزاء رفض بنيامين نتنياهو وزملائه تحديد الأهداف التي تعتقد الولايات المتحدة أنها قابلة للتحقيق، أو تخفيف عملياتهم العسكرية لأغراض إنسانية. ويرى الأميركيون، سواء كانوا على حق أم على باطل، أن الإسرائيليين لا بد من أن يعطوا إطلاق سراح 200 رهينة لدى حماس أولوية، وهو ما لا يفعلونه اليوم. يقول هاستينغز: "إنهم يشتبهون في أن نتنياهو يربط بقائه السياسي بحرب طويلة، ولهذا السبب على الأقل، يعتقد الخبراء العسكريون الغربيون أن إراقة الدماء بتستمر لعدة أشهر".

يروي هاستينغز فائلًا: "قبل نحو عقدين من الزمن، زرت الضفة الغربية بعد موجة من العنف الفلسطيني، والتي عاقبها الإسرائيليون بعمليات القتل المعتادة وتدمير البنية التحتية. استمعت إلى السكان يعبرون عن مرارتهم. كان كل ما قالوه تقريبًا هراء. لكنني عدت إلى القدس وأنا أفكر: إذا لم تكن لدي حياة ولا وظيفة ولا أمل، وعشت في حالة مزرية تحت رحمة جيش محتل وسلطة فلسطينية فاسدة، فقد يكون رأيي كما رأيهم تمامًا". ومن بين الأفلام الأكثر روعة التي صدرت من إسرائيل كان الوثائقي The Gatekeepers (حراس الأبواب) في عام 2012، والذي روى فيه ستة رؤساء سابقين لجهاز المخابرات الإسرائيلي (شاباك) تجاربهم. اعترف أحدهم بأنه منذ اغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين في عام 1995، لم تحاول الحكومات المتعاقبة متابعة عملية السلام، بل أسندت مهمة احتواء الغضب الفلسطيني لقوات الأمن. وقال آخر: "الاحتلال جعلنا شعبًا قاسيًا". يضيف هاستينغز: "أتذكر الإسرائيليين الذين يقولون إن للعرب دول كثيرة، وليس لدينا سوى واحد. ومثل أغلب الغربيين، أقدس ما ساهمت به العبقرية اليهودية في حضارتنا. وشهدت ما حققته العبقرية نفسها في الجيش الإسرائيلي في صدمة حرب يوم الغفران في عام 1973".

تحدي السوابق التاريخية

لكن، هل يستطيع الجيش الإسرائيلي تحدي سوابق التاريخ وتدمير حماس بقوة السلاح؟ يجيب هاستينغز: "يمكنه أن يفجر أنفاق غزة، وقتل الإرهابيين، لكن هل يمكنه استئصال فكرة المقاومة من ملايين الفلسطينيين في غزة التي تحولت إلى أنقاض، وفي الضفة الغربية الخاضعة لضم إسرائيلي زاحف؟ ليس الإسلام هو القوة الدافعة الرئيسية لهؤلاء الناس، إنما هو اليأس".

يبدو أن خطة نتنياهو لقطاع غزة تتجاوز تدميره، بل تهدف إلى تحمل الآخرين – العالم العربي أو الأمم المتحدة – المسؤولية عن سكانه. ربما تكون ضربة إسرائيلية رائعة إذا جاء خلف دباباتهم جهد إنساني ضخمن بدلاً من انتظار جيل جديد يملؤه الكراهية والخوف. وفي خضم المذبحة الحالية، يبدو حزب الله مترددًا في الدخول في صراع من شأنه أن يعجل بتفكك لبنان. ويبدو أن ثمة أمل في احتواء هذا الصراع.

يختم هاستينغز بالقول: "إسرائيل دولة صغيرة لكنها عظيمة. بعد رعب 7 أكتوبر، اضطرت إلى تبني رد يتضمن العنف العادل. تسعى حماس إلى تقديم تهديد وجودي للدولة اليهودية، لكن ما لم تتمكن الحكومة الإسرائيلية من التوصل إلى نهاية للعبة، فإن عملياتها العسكرية لن تؤدي إلا إلى معاقبة الأبرياء وحدهم".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها ماكس هاستينغز ونشرها موقع "تايم"


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار