موسكو: تدور معارك الخميس في منطقة كورسك الروسية الحدودية بين قوات موسكو ووحدات موالية لكييف، فيما تسببت موجة هجمات جديدة بمسيرّات منطقة بيلغورود المجاورة بمقتل شخصين على الأقلّ وذلك قبل ساعات من فتح مراكز الاقتراع للانتخابات الرئاسية الروسية.
ودعا الرئيس فلاديمير بوتين الخميس الروس إلى الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المقررة من 15 حتى 17 آذار (مارس) للتعبير عن وطنيتهم في "فترة صعبة" تمرّ بها البلاد.
ومن المتوقع أن ينال بوتين الذي يتولى السلطة منذ أكثر من عقدين، ولاية جديدة من ستة أعوام بنتيجة هذه الانتخابات التي يقول الكرملين إنها ستعكس تأييد المجتمع لغزو أوكرانيا.
ومع استعداد الروس للتوجه الى صناديق الاقتراع، تزايدت التوغلات المسلحة والهجمات الجوية في مناطق روسية حدودية مع أوكرانيا في الأيام الأخيرة.
وأعلن الحرس الوطني الروسي الخميس أنه "منخرط في صد هجوم مجموعات إلهاء معادية قرب قرية تيوتكينو في منطقة كورسك".
وسبق أن نفذت وحدات آتية من أوكرانيا مؤلفة من روس مناهضين للكرملين وموالين لكييف، هجمات على هذه القرية الحدودية الثلاثاء. وأكّدت موسكو أنها صدّت الوحدات وقضت على المهاجمين.
وحضّت قوات المتطوعين الروس الداعمة لكييف الأربعاء المدنيين على مغادرة بيلغورود وكورسك، مهددة بشن هجمات واسعة النطاق على أهداف عسكرية في المدن الحدودية الروسية.
وقالت المجموعات الثلاث "فيلق حرية روسيا" و"فيلق المتطوعين الروس" و"سيبير" في بيان مشترك "نحن مجبرون على تنفيذ قصف على مواقع عسكرية متمركزة في مدينتي بيلغورود وكورسك".
وأضافت "ندعو السلطات المحلية للمحافظة على حياة البشر وبدء إخلاء مدينتي كورسك وبيلغورود".
وأعلنت سلطات منطقة بيلغورود الخميس إقفال مراكز التسوق لأسباب "أمنية".
من جهتها، نشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو غير مؤرخ يُفترض أنه يُظهر هزيمة المجموعات التي حاولت التسلل. وتظهر في اللقطات انفجارات قوية ودبابات في المنطقة المعرّفة على أنها بيلغورود، والتي لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من موقعها.
"فترة صعبة"
في الوقت نفسه، تزايدت هجمات الطائرات المسيّرة التي تستهدف الأراضي الروسية في الأيام الأخيرة.
الخميس، قُتل مدنيان وأُصيب تسعة آخرون في هجمات ليلًا ونهارًا في منطقة بيلغورود. ونشر الحاكم فياتشيسلاف غلادكوف صورًا تظهر مركبات ومباني متفحمة ونوافذها محطمة.
في بروكسل، حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي من أن دول الناتو لا تقوم بتزويد أوكرانيا "بما يكفي من الذخيرة"، وهو ما أتاح للقوات الروسية تحقيق مكاسب ميدانية.
في غضون ذلك، حضّ بوتين الروس على الاقبال للمشاركة في الاقتراع.
وقال في مقطع فيديو بثه التلفزيون الروسي الرسمي عشية بدء التصويت "تعلمون أن بلدنا يمرّ بفترة صعبة وأن هناك تحديات معقدة نواجهها على جميع المستويات تقريبًا".
وأضاف "بهدف الاستمرار في الاستجابة لهذه التحديات بشرف وتحدي الصعوبات بنجاح، علينا أن نبقى متحدين وواثقين بأنفسنا".
وستبقي نتيجة الانتخابات بوتين في السلطة حتى العام 2030، أي حتى يبلغ من العمر 77 عاما، مع احتمال فوزه بولاية إضافية من ستة أعوام، وذلك بفضل تعديل دستوري قبل أربع سنوات.
وتولى بوتين منصب الرئيس رسميا للمرة الأولى في 2000. وعرفت روسيا في سنوات حكمه الأولى ازدهارًا اقتصاديًا حيث استفادت من موارد الطاقة الهائلة. لكن مع مرور الأعوام، أصبح الحكم استبداديا على نحو متزايد في الداخل، وتمّ قمع جميع أشكال المعارضة وحظرها.
أمّا في الخارج، فقد صعّد بوتين المواجهة مع الغرب وأرسل قوات إلى أوكرانيا، بحيث ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014 ودعم المتمردين الانفصاليين في منطقة دونباس الشرقية قبل أن يشن هجومًا واسع النطاق في 2022.
"عدم الانحراف"
ومع مقتل كل منتقديه الرئيسيين أو سجنهم أو نفيهم، يرى بوتين أن المجتمع الروسي متحد خلفه.
وهو قال في كلمته "سبق أن أظهرنا أنه يمكننا أن نكون معًا في الدفاع عن حرية روسيا وسيادتها وأمنها"، مشددا على ضرورة "عدم الانحراف عن هذا الطريق اليوم".
وقال أيضًا "دعوني أكون صريحًا: إن المشاركة في الانتخابات اليوم هي تعبير عن المشاعر الوطنية".
ونوّه الرئيس الروسي بأن الاقتراع سيجري كذلك في أربع مناطق سيطرت عليها العام الماضي في أوكرانيا بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم.
وقال "سيصوّت أيضًا مقاتلونا على الجبهة. إنهم يدافعون عن الوطن بشجاعتهم وبطولتهم، ويكونون قدوة لنا جميعًا بمشاركتهم في الانتخابات".
في مدينة ماريوبول الأوكرانية الخاضعة لسيطرة القوات الروسية، فتح مسؤولو الانتخابات الخميس مراكز اقتراع باستخدام طاولات في الشارع، او باستخدام أغطية محركات السيارات.
ونُشرت لافتات تحمل شعار V بالأحمر والأبيض والأزرق، وهو رمز يستخدم كعلامة على دعم الهجوم الروسي على أوكرانيا.
ودعت وزارة الخارجية الأوكرانية الخميس المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الروسية، معتبرة أن الاقتراع "مهزلة".
ويأتي الاقتراع في وقت يتمتع بوتين بثقة عالية، فقد أحرزت قواته في أوكرانيا أولى مكاسبها الميدانية منذ أشهر فيما توفي أبرز معارضيه أليكسي نافالني في 16 شباط (فبراير) في سجن في القطب الشمالي حيث كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 19 عامًا بتهمة "التطرف".
الخميس، حكمت محكمة في موسكو على شابين روسيين متهمين بأنهما عملا لصالح منظمة نافالني "المتطرفة" بالسجن ثلاثة أعوام ونصف، حسبما أفادت وسائل إعلامية روسية.
وتضم قائمة المرشحين للانتخابات - إضافة إلى بوتين - القومي ليونيد سلوتسكي والشيوعي نيكولاي خاريتونوف ورجل الأعمال فلاديسلاف دافانكوف. وسبق للثلاثة أن أيدوا حرب أوكرانيا.
ويرى المعارضون للكرملين أن هؤلاء المرشحين الثلاثة هم واجهة لإعطاء الانتخابات بعدًا تعدديًا.
في الأيام الأخيرة، أوقفت السلطات عددًا من العاملين في حملة المعارض بوريس ناديجدين الذي مُنع من الترشح.