: آخر تحديث

مجمعات تخزين... بوابة لخفض الأسعار ورضا المستهلك

3
3
2

مبارك الهزاع

حين نبحث عن جذور الغلاء في الكويت، كثيراً ما تتجه الأنظار إلى التاجر، فيُحمّل وحده مسؤولية ارتفاع الأسعار. لكن الحقيقة أعقد من ذلك، وأعمق بكثير. التاجر في الكويت ليس شيطاناً يلهث خلف الأرباح بلا رحمة، بل هو جزء من منظومة اقتصادية مختنقة، من أبرز أزماتها الأراضي التخزينية.

نحن اليوم أمام واقع لا يمكن تجاهله: أراضي التخزين في الكويت شحيحة، وإن وجدت فهي نارٌ تلتهب أسعارها، تأكل من هوامش الربح وتحرق جيب المستهلك في نهاية المطاف. فأي تاجر صغير أو متوسط حين يريد استيراد البضائع، يُفاجأ بكلفة تخزينية تفوق قيمة المنتج ذاته. أرقام باهظة تضاف إلى الفاتورة النهائية، وتنتقل بسلاسة من يد التاجر إلى يد المواطن.

فإذا أردنا حقاً أن نخفض الأسعار، وأن يشعر المواطن الكويتي بثمرات الاستيراد والمنافسة، فعلينا أن نبدأ من أصل المعاناة.

نحن لا نعاني من نقص في التجار، بل في البنية التحتية التي تدعمهم. الحل هنا ليس مستحيلاً ولا معجزاً، بل ممكن جداً ومربح للجميع: تأسيس شركة كويتية مساهمة مختصة في الأراضي التخزينية.

تخيلوا معي، شركة وطنية تطرح أسهمها للمواطنين، تستثمر في إنشاء مدن لوجستية ومجمعات تخزين ضخمة، بأسعار معقولة ومدروسة. شركة تعمل وفق معايير الجودة والكفاءة، وتمنح التاجر فرصة تخزين بضائعه بتكلفة عادلة، ولا ترفع الأسعار بحجة «قلة المعروض». بل تفتح الباب أمام تجارة حرة، تنافسية، مبنية على أسس العدالة الاقتصادية.

مثل هذه الشركة لن تكون مجرد مشروع عقاري، بل مشروع وطني إستراتيجي، يعيد التوازن بين التاجر والمستهلك. يربح التاجر بالمعقول، ويفرح المستهلك بالسعر المقبول. وتعود الثقة إلى السوق.

بل إن تأثير هذا الحل لن يتوقف عند حدود الأسعار فحسب، بل سيمتد ليشجع الاستثمار، ويحفز التجارة، ويزيد التنوع في المنتجات.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى رؤية اقتصادية جديدة، تحرر السوق من القيود غير المنطقية، وتخلق مناخاً تنافسياً عادلاً. أزمة الأراضي التخزينية في الكويت ليست ثانوية، بل مركزية، ولا يمكن لأي خطة إصلاح اقتصادي أن تتجاهلها.

فلنبدأ من هنا، من الأرض التي نضع عليها بضائعنا. ولنجعل من حلّ التخزين بوابةً لاقتصادٍ متوازن، وسوقٍ يرضي الجميع. هذا ليس حلماً... بل ضرورة وطنية!

[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد