سلطان ابراهيم الخلف
فور إعلان فوز زهران ممداني، بمنصب عمدة مدينة نيويورك، على مرشح اليهود واليمين المتطرّف، «كومو»، أصابت غالبية صهاينة المدينة حالة من الاكتئاب، والإحباط، وتنادوا بمغادرة المدينة، التي لم تعد مناسبة لبقائهم فيها، وشنوا حملة ممنهجة لتشويه سمعة ممداني، ادعو فيها أنه سوف يفرض الشريعة الإسلامية في المدينة، وأن المدينة سوف تتحول إلى مقاطعة إسلامية، واتخذت الحملة منحى آخر، تمثّل في الاستهزاء بالمسلمين، ومهاجمة الإسلام من خلال نشر معلومات ملفقة عنه، تهدف إلى نشر الكراهية والتحريض ضد المسلمين.
لكن هذه الحملة ضد المسلمين، كان لها جانب إيجابي، حيث واجهت تلك الحملة، حملة مضادة للدعاية اليهودية الصهيونية، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، الحاضنة الشعبية للرأي العام الأميركي، حيث تناولت فضح الكثير من الثقافة اليهودية التي وضعها حاخامات اليهود، المعادية لغير اليهود، من مسلمين ومسيحيين، باعتبارهم مخلوقات غير بشريّة خلقت لخدمة اليهود.
واتسعت الحملة المضادة لتشمل الهجوم على جرائم الكيان الصهيوني في غزة، والساسة المدافعين عنه، واتهامهم بالخيانة، بتقديم الولاء للكيان الصهيوني على أميركا، مثل عمدة مدينة نيويورك الحالي إريك أدامز، المنتهية عمدته، الذي زار الكيان الصهيوني في نوفمبر الماضي، ليعلن للإرهابي نتنياهو عن جهوده السابقة في خدمة الكيان الصهيوني قبل تسليم منصبه للعمدة الجديد ممداني.
كان حادث اعتداء الأفغاني رحمان الله لكنوال، على عنصرين من عناصر الأمن الوطني في واشنطن دي سي، فرصة ثمينة، استغلها اليهود الصهاينة في إعادة بث دعاية شيطنة المسلمين المهاجرين واعتبارهم إرهابيين، والمطالبة بطردهم من الولايات المتحدة. لكن المعلومات التي نشرت لاحقاً حول الأفغاني القاتل جاءت مخيبة لليهود الصهاينة. فالأفغاني لم يكن مهاجراً، بل لاجئاً، كان يخدم في الجيش الأميركي، في وحدة الصفر، تحت إشراف CIA، قبل انسحاب الجيش من أفغانستان في 2021.
وقد مُنح حق اللجوء السياسي في أبريل 2025، أي في عهد الرئيس الحالي ترامب، الذي أصدر قراراً رئاسياً بعد الحادث، بوقف منح مواطني دول العالم الثالث حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة، كما أمر بإرسال المزيد من عناصر الحرس الوطني لواشنطن. وقد اعتبر قراره مزايدة سياسية، للظهور بمظهر المدافع عن أمن وسلامة الشعب الأميركي، الذي يقتل العديد من أفراده يومياً في الشوارع، والمدارس، والمجمعات التجارية، برصاص مواطنين أميركان، دون أن يحرّك ذلك ضمير القيادة الأميركية.
المعروف كما نُشر عن حياة الأفغاني القاتل رحمان الله، وهو متزوج وله خمسة أطفال، أنه خلال سنواته في أميركا، كان يشعر بالعزلة، والكآبة، مع صعوبة في الاندماج في المجتمع الأميركي، ويواجه مشاكل اقتصادية، اضطرته إلى إخلاء شقته، لعدم قدرته على تسديد إيجارها. ويبدو أن هذه المشاكل دفعته لارتكاب الجريمة، حيث لم يلق التقدير والاحترام، بعد الخدمات الجليلة التي قدمها للجيش الأميركي ضد أبناء وطنه الأفغان. وربما شعر بوخز الضمير وارتكب جريمته انتقاماً من الجيش الأميركي المحتل.

