: آخر تحديث

تعريب الأزهر للطب والصيدلة

3
3
3

بشرى فيصل السباعي

أعلنت جامعة الأزهر في مصر مؤخراً الشروع في تعريب كليات الطب والعلوم الطبية والصيدلة، وهي خطوة رائدة وشجاعة وستكون بالتأكيد ناجحة كما أثبتت ذلك خبرة سوريا في تعريب الطب وتدريسه بالعربية منذ عام 1923، وفعلياً لا يوجد مبرر لتدريس الطب باللغة الإنجليزية، فغالب دول العالم تدرس الطب بلغاتها الوطنية، ولو كان تدريس الطب باللغة الوطنية يخفض من جودة علم الأطباء لما استمرت عليه غالب دول العالم، ولذا تدريس الطب بالإنجليزية لدى العرب يبدو أشبه بعقدة نقص تجعلهم يعتقدون أن العربية عاجزة عن استيعاب مادة الطب، وتدريس الطب بالإنجليزية يضاعف من صعوبة دراسة الطب مما يؤثر سلباً على نتائج الطلاب، وكثير ممن كانوا خامة صالحة للطب اضطروا للتخلي عن دراسته بسبب صعوبة تعلمه بالإنجليزية. وقد صرح مسؤول في وزارة الصحة بأن سبب ضعف سعودة الوظائف الطبية هو قلة عدد خريجي الطب من الجامعات الحكومية والأهلية، إذ لا تتجاوز نسبة الأطباء السعوديين 29.1% من إجمالي الأطباء في وزارة الصحة (عكاظ الأحد 5 أغسطس 2018)، ولذا تعريب الطب سيرفع بالتأكيد أعداد خريجي الطب فاللغة هي أكبر عائق أمام دراسة الطب بالنسبة للعرب، ولذا تعريب الطب هو حاجة عملية وليس من باب الافتخار بقدرة اللغة العربية على استيعاب المصطلحات الطبية، وخبرة السوريين أثبتت أن دراسة الطب بالعربية لا تشكل عائقاً للطبيب عن مطالعة المجلات الطبية الغربية وإكمال الدراسة في الغرب والعمل في دول العالم غير الناطقة بالعربية. وقد صرح مسؤولون ألمان بقلقهم من فراغ ستتركه عودة الأطباء السوريين إلى بلدهم بعد خلع النظام بسبب كثافة عمل الأطباء السوريين في ألمانيا وهم لم يدرسوا الألمانية في الجامعات السورية ومع هذا برعوا في عملهم في ألمانيا بعد أن اضطروا للهجرة إليها بسبب الحرب الأهلية، وأيضاً برعوا في العمل بالدول الناطقة بالإنجليزية وهم لم يدرسوا الطب بالإنجليزية، ويمكن تعليم كورسات إنجليزي مكثفة لطلاب الطب لإكسابهم اللغة التي سيحتاجونها لاحقاً عند إكمال تعليمهم في الغرب ومطالعة المجلات الطبية الغربية، ويمكن للهيئات المختصة بالترجمة مجاراة المنشورات الطبية الغربية والمصطلحات اللغوية الطبية المستجدة، فالمركز العربي لتأليف وترجمة العلوم الصحية (أكملز) هو منظمة منبثقة عن مجلس وزراء الصحة العرب أنشئت عام 1980 ومقرها الدائم دولة الكويت وتصدر مجلة باسم (تعريب الطب) ومعاجم طبية معربة، فالمادة الطبية بالفعل تتوفر لها الترجمة العربية، ولذا تعريب الطب لن يبدأ من الصفر وهو لا يتطلب أكثر من قرار شجاع رائد ويفكر خارج الصندوق كما يمكن الاستفادة من المناهج الطبية السورية المعربة، وكل معارض لتعريب الطب لا يخلو من عقدة النقص والدونية ولا يبني معارضته بناء على معطيات الواقع إنما فقط على نظرته الدونية للغة العربية، والحقيقة أن اللغة العربية قادرة على استيعاب كل العلوم، لذا يجب تعريب كل التخصصات التي تدرس بالإنجليزية ليس فقط من باب الاعتزاز الواجب بالهوية الوطنية والقومية إنما لأنه يجعل تلك التخصصات أسهل على الدارسين ويرفع بالتالي من نتائجهم ويزيد من أعداد الخريجين منها، وكل التخصصات التي تدرس بالإنجليزية هناك نقص في أعداد خريجيها مما يدل على التأثير السلبي لتدريسها بالإنجليزية، وتعريب العلوم المختلفة يخدم تلك العلوم أكثر مما يخدم اللغة العربية، والاعتزاز باللغة العربية ودعمها لا يكون بالإطراء القولي ولا الاحتفال بيوم لها إنما بالأفعال، وما جدوى كل الترجمات للعلوم الطبية القائمة حالياً إن لم يتم تدريس الطب بالعربية، وتعريب الطب سيشجع على المزيد من الترجمات الطبية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد