في «الديرة»، «فرط صوتي» حول استفتاء قامت به صحيفة متقدمة، وفاز به كاتب متقدم في المكانة، منذ ما قبل الاستفتاء بزمن بعيد. يعترض أحد كتّاب الديرة على الاستفتاء طاعناً في النتائج، وفي الأسلوب، وفي نوائب الدهر، وظلم الزمالات.
وفي المبدأ، هذا حق من حقوقه. لكن في الجوهر، هذه إساءة كبرى لاستخدام الحرية. أولاً، بسبب الطعن غير المبرر في صدقية زميلة محترمة، وثانياً، لأن المكانة التي يبلغها كاتب عبر السنين، هي مُلك الملأ والآلاف من القراء. ما علاقتي بالموضوع؟ لا شيء، سوى أنني واحد من آلاف القراء الذين رأوا في الرجل، فائز الاستفتاء، كاتباً موهوباً من الدرجة الممتازة، ولا شيء يغير في الحقائق. لا في تصغير الفائز، ولا في تكبير خصومه. يكرس حجم الكاتب مجموعة من العناصر بينها مضي الوقت؛ إذ ليس من السهل بلوغ المكانة بسرعة، ولا أيضاً الحفاظ عليها.
كذلك، ليس من السهل أن تجرد كاتباً مرموقاً من سمعته. اللجنة المقررة في هذا الامتحان مؤلفة من آلاف القراء، مئات الأيام، مئات المقالات.
المؤسف أن الكاتب المعترض خسر أيضاً معركة الترفع، أو معركة الزمالة. بدل أن تطعن على فوزه، بارِكْ له. أنت وهو في سباق شبه يومي، والناس أدرى بمن تقدر، ومن تحب، ومن تحترم. الإنسان يمكن أن يصبح جنرالاً بقرار، لكنه لا يستطيع أن يصبح شاعراً بخمسة ألوية من الجيش.
يخيل إليّ أن الأستاذ المعترض وَطِئَ وطأة ناقصة، كما يقول المثل؛ لأن الزميل المستهدف يتمتع بشعبية واحترام كبيرين. وكان الأحرى أن تقبل نتائج الاستفتاء كما هي، ضناً بكرامة الجريدة التي أجرت الاستفتاء، وسمعتها. بعض المعارك الصحافية جميل أحياناً، وأحياناً مسلٍّ أيضاً. يفقد هذه الميزة عندما تبدو عليه ملامح الغيرة، والشخصانية الواضحة.
في مثل هذه السجالات، يربح عادة «الفرط اصمتي»، على ما أعتقد. يترك الاستفتاءات تمر والناس تفرح بما يفرح. ودعْك من ضيق الصدور فهو لا يُعلي كاتباً ولا يسفل.