هناك سباقٌ مصيري يرسم مستقبل ديارنا الموسومة باسم (الشرق الأوسط) بين فريقين، فريق يريد طريقاً للسلام والوئام والتنمية، وفريق يريد الفوضى والحروب والفِتن وإدامة جوّ العسكرة.
كنّا نضعُ خطّ ما يُسمّى «محور الممانعة» في معسكر التخريب وتقليب حطب نيران الفتنة، بصفة خالدة، ونسمع عنهم دوماً تقديس السلاح وديمومة المقاومة، إلى أمدٍ غير معلوم.
محور الممانعة وجماعة الإخوان، وبعض «كويكبات» اليسار وجماعات الأناركية والفوضى، الدائرة في مدارات الكواكب الضخمة، كانوا هم العنوان الذي نراه لهذا المسار الكئيب.
لكن اليوم انضاف لهم كوكبٌ آخر، من خارج المجموعة المحورية الممانعية، كوكبٌ غير مُتوقّع، كوكب إسرائيل!
اليوم إسرائيل، تحت قيادة نتنياهو وفريقه «الممانع» خاصة بن غفير وسموتريش، لا تختلف كثيراً عن يحيى السنوار وزياد نخّالة والحوثي وفيلق القدس و«حماس» وجماعة الإخوان ومن تفرّع عنها؛ مثل «القاعدة» وجماعة «حسم» في مصر.
لا تختلف إسرائيل عن هؤلاء في كونها تقف عائقاً عنيداً تجاه طريق التنمية وتثبيت ثقافة الشراكة الاقتصادية والتنموية، بدل هذه الحروب التي بلا نهاية، والفِتن والفوضى والمجاعات وكل العوالم التعيسة.
هناك شرق أوسط أخضر، شرق أوسط يُراد له أن يكون «أوروبا الجديدة»، شرق أوسط للفنّ والاندماج مع العالم الأول، شرق أوسط لتوطين الصناعات، شرق أوسط يُنظّم «كؤوس العالم» في كرة القدم وكل الرياضات الأخرى.
وهناك شرق أوسط، للحروب والفتن والانقسامات والمُسيّرات الانتحارية، والاغتيالات والطائفية المسمومة، وخطابات الكراهية والنبذ وتخليد الأحقاد الموروثة، وثقافة «الشوفينية» النازية، والتقوقع على الذات.
هذا هو الصراع بين صورتين للشرق الأوسط.
على سبيل المثال، تتمّ صناعة حالات غضب مفتعلة حول مشاريع سعودية كبرى، تحت أي ذريعة كان تصنيع هذا الغضب، والهدف الحقيقي ليس مصلحة هذا «المواطن» الغاضب، الساذج، في حالة حسن الظن، والمتواطئ في حالة معرفته بمن يعمل لصالحهم، الهدف الحقيقي هو التشويش على هذه المشاريع الكبرى، وعلى المسار كلّه.
نعم، هي مشاريع قابلة للتعديل والتحوير، لكن ليس هذا هو الموضوع، بل فكرة الاتجاه نحو المستقبل واعتماد نهج التنمية دستوراً واختياراً وحيداً لا مناص منه.
وحين نقول التنمية، فإننا نعني أيضاً «التنمية الثقافية» والاستثمار في الوعي وصناعة «بنية تحتية» لأفكار مثل:
التسامح، المواطنة، السِلم، العلم، ضد: الكراهية، الطائفية، التطرّف الإرهاب... الجهل.
لن يكفّ الكارهون... النابذون لهذا الاختيار، عن وضع العراقيل المانعة من المسير، ولكن كما قال المُتنبّي:
وليس جميلاً عِرضُهُ فَيَصونَهُ
وليس جميلاً أَن يَكونَ جَميلَا
ويكذبُ ما أَذلَلتُهُ بِهِجائِهِ
لقد كانَ مِن قَبلِ الهِجاءِ ذَليلَا