: آخر تحديث

لاعبات تنس طاولة عراقيات على كراس متحركة يحلمن بالعالمية رغم قلّة الدعم

3
3
1

الديوانية (العراق) : تُظهر نور الهدى سرمد على كرسيها المتحرك خفة كبيرة خلال تدريب على بطولة وطنية لتنس الطاولة في العراق... وهي على غرار زميلات لها من ذوي الإعاقة تحلم بالعالمية رغم قلة الدعم الرسمي.

وتقول الطالبة الجامعية البالغة 25 عاما لوكالة فرانس برس "المناضد التي نستخدمها مكسّرة والتيار الكهربائي ينقطع دائما (...) ونشتري المضارب على حسابنا الخاص".

في مركز مجتمعي يقصده في محافظة الديوانية (جنوب) ممارسو رياضات وفنون قتالية مختلفة، يستخدم فريق من ثماني نساء على كراس متحرّكة قاعة غير مهيّئة أصلا لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة، للتدرّب ثلاث إلى أربع مرّات أسبوعيا. 

وتؤكد سرمد الحاصلة على ميداليات عدة، أن الرياضة "ساهمت في تحسّن حالتي النفسية وجعلتني أقوى".

غير أن مثل هذه الإنجازات مطعّمة بتحديات اجتماعية واقتصادية جمّة.

ففيما تمتنع هؤلاء اللاعبات عن الاستعانة بالمراوح لتجنّب تأثير حركة الهواء على إرسال الكرة، يستحيل عليهنّ تشغيل المكيّف بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ما يؤثر "على تماريننا ومستوى أدائنا".

ويعاني العراق من انقطاع مزمن للتيار الكهربائي خصوصا في الصيف حين تتجاوز الحرارة 50 درجة مئوية خصوصا في الجنوب، ما يُرغم على الاعتماد على مولدات خاصة تكون تكاليف تشغيلها عالية.

وتأتي اللاعبات من بلدات يبعد بعضها ما يصل إلى 40 كيلومترا، ما يعني صعوبة في الوصول إذ إن سيارات الأجرة "لا تقبل كلّها أن تقلّنا كمعوّقين"، وفق الشابة التي تتأخّر أحيانا على حصص التدريب في بلد يعاني نقصا كبيرا في التوعية بشأن إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة.

"مجهود شخصي"

يؤكد المدرّب محمد رياض (43 عاما) كثرة المعوقات اللوجستية، مثل عدم وجود قاعات رياضية مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة في المحافظة، والنقص في المعدّات الملائمة من طاولات ومضارب.

ويقول الرجل، وهو عضو في اللجنة البارالمبية في الديوانية، "حصلنا على المعدات التي نستخدمها اليوم من اللجنة البارالمبية منذ فترة طويلة، لذلك وضعها متردّ وأحاول صيانتها بنفسي دائما لكي لا تتعرّض اللاعبات لأي أذى".

وتشتري لاعبات هذا الفريق المضارب التي يستخدمنها في المنافسات، على حسابهنّ الخاص بكلفة 300 ألف دينار عراقي للمضرب الواحد (220 دولارا تقريبا) في وقت يتقاضين من النادي المحلي تكاليف نقل شهرية لا تتخطى 100 ألف دينار (75 دولارا تقريبا).

ويتابع رياض المصاب بشلل الأطفال، متنهّدا "تطوّرت هذه الرياضة بالديوانية بمجهود شخصي فقط لا غير، لأن البلد دائما في حالة تقشّف ولا يقدّم الدعم بما يكفي".

وينتقد متخصّصون مرارا ضعف البنى التحتية وقلّة دعم الرياضة في العراق الغني بثروته النفطية لكنه يعاني مع ذلك من فساد مستشر وتهالك بنيته التحتية.

ويضيف رياض "الدولة تركّز بشكل خاص في الرياضة على كرة القدم (...) رغم أن لاعبي تنس الطاولة مثلا حققوا إنجازات عالمية ورفعوا اسم العراق" على الرغم من قلّة الإمكانيات "مثل البطلة نجلة عماد". 

وحازت عماد (20 عاما) في الدورة الأخيرة للألعاب البارالمبية في باريس في صيف 2024 على ميدالية ذهبية، كانت أول ميدالية يحصل عليها العراق في تاريخ تنس الطاولة في الألعاب البارالمبية.

وتؤكد الشابة لوكالة فرانس برس أنها تعتمد اليوم على تمويل من رعاة لتواصل مشاركتها في بطولات وتدريبات تسمح لها بالحفاظ على مستواها، وذلك بسبب افتقار رياضتها للدعم الحكومي اللازم.

لكن ترى مع ذلك أن "لا شيء مستحيلا" رغم الظروف الصعبة، قائلة "لا للأعذار، يمكنكم فعل كل شي إذا كانت لديكم (المهارات) الكافية".

"قادرات"

وتستعدّ حاليا لاعبات فريق الديوانية لمباراة بين المحافظات تؤهّلهنّ ربما للمشاركة في دوري العراق المرتقب في الخريف في العاصمة بغداد.

وفي حال اختيارهنّ للانضمام إلى المنتخب الوطني لتنس الطاولة للمعوّقين، يصبح بإمكانهنّ المشاركة في منافسات دولية مثل الألعاب البارالمبية.

لكنهن مع ذلك، يعتبرن أن المجتمع العراقي المُحافظ والعشائري "لا يريد للمرأة أن تخرج من البيت" وفق سرمد.

وتضيف "ما فعلناه هنا هو أننا تجاوزنا ذلك وصرنا لاعبات وخرجنا من بيوتنا".

رغم الطابع المحافظ للمجتمع العراقي، كان للرياضة النسائية في البلاد تاريخ طويل يعود إلى السبعينات والثمانينات.

وتشارك رياضيات عراقيات في بطولات عربية ودولية في كرة القدم والملاكمة ورفع الأثقال والكرة الطائرة وقيادة الدراجات، على الرغم من قيود كثيرة لا تزال قائمة محليا. 

فالعام الماضي مثلا، أُلغيت مشاركة النساء في ماراثون في محافظة البصرة (جنوب) حيث سُجّلت مطالبات بإلغاء النشاط لكونه مختلطا بين الجنسين.

وتشير إيمان حمزة (24 عاما) إلى أن حياتها قبل دخولها مجال الرياضة كانت فقط "عبارة عن البقاء في البيت أو الخروج للترفيه".

وتقول الشابة التي احتّلت المركز الثاني في فئتها في بطولة عالمية لتنس الطاولة في تايلاند في 2024، "لم أتلقّ أي دعم من الحكومة (...) حتّى أنني تكفّلت أحيانا بالمشاركة على حسابي الخاص".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في رياضة