بدأت منذ فترة ليست بقريبة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله– مؤتمرات صحفية يتحدث فيها أحد الوزراء أو عدد منهم عن قضايا مهمة ومواضيع تهم المواطنين، ويتطلع لها الجميع من مهتمين ومحللين وإعلاميين، يتحدث فيها الوزراء بشفافية عالية، بحقائق مدعمة بالأرقام والنسب ويستمع بعد ذلك الوزراء إلى أسئلة الإعلاميين، وتتم الإجابة عليها.
يعكس المشهد الحالي شفافية الدولة وإشراك المواطن في تفاصيل القرار والخطة، فقد برزت المؤتمرات الصحفية الدورية التي يعقدها الوزراء في المملكة كواحدة من أبرز أدوات التواصل الحكومي مع الجمهور، ولا تعد هذه المؤتمرات مجرد إعلان عن أرقام ومبادرات، بل تحوّلت إلى منصة تعبير حقيقية توصل صوت الدولة إلى المواطن، وتستقبل في المقابل صدى الشارع وتساؤلاته.
المؤتمرات الصحفية للوزراء السعوديين تمثل اليوم حجر الزاوية في سياسة "الحكومة المتواصلة"، فهي تحقق عدة أهداف جوهرية منها: تعزيز الشفافية من خلال إعلان الأرقام والسياسات بشكل مباشر وواضح، وتمكين الإعلام من أداء دوره الرقابي بطرح الأسئلة ومناقشة التحديات بموضوعية، وإشراك المواطن عبر إتاحة المعلومات التي تلامس تفاصيل حياته اليومية وتحدد أولوياته المستقبلية، وبناء الثقة حين يرى المواطن الوزير على الهواء مباشرة يتحدث ويجيب دون حواجز.
شهد يوم الأربعاء 13 أغسطس 2025 انعقاد مؤتمر صحفي بارز استضاف معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان الدوسري، ومعالي وزير التعليم الأستاذ يوسف البنيان وقد مثّل المؤتمر نموذجًا حيًا للتكامل بين التعليم والإعلام في الرؤية والأداء.
إن يميز هذا المؤتمر أنه لم يكن مجرد مناسبة رسمية، بل حمل بين طيّاته رسائل استراتيجية واضحة، ففي الوقت الذي تعمل فيه وزارة التعليم على بناء الإنسان، تتكامل معها وزارة الإعلام في إبراز هذا البناء ونقله بمهنية إلى الداخل والخارج.
هذه الثنائية تؤكد أن الرؤية السعودية 2030 لم تترك شيئًا للمصادفة، بل تمضي في تمكين كل وزارة لتكون ذراعًا من أذرع التغيير والتحول، ضمن إطار مؤسسي متماسك.
إن لغة الخطاب التي تميز بها المؤتمر الأخير، والمباشرة في تقديم المعلومات، والحرص على الرد على التساؤلات المطروحة، تعكس جميعها مفهوم "المواطنة التفاعلية"، حيث لا يُنظر إلى المواطن كعنصر هامشي، بل كعنصر فاعل ومؤثر.
هذه المؤتمرات تضع المسؤول أمام عدسة الإعلام والمجتمع، وهو ما يعزز من ثقافة الشفافية، ويحفّز على جودة الأداء.
لم يعد الاتصال الحكومي ترفًا إعلاميًا، بل أضحى ضرورة استراتيجية.. المؤتمرات الصحفية التي يعقدها الوزراء السعوديون تجسّد هذا المفهوم بأعلى درجات المهنية والانفتاح.
ومتى ما استمرت بهذا الزخم والجدية، فإنها ستعزز المصداقية وتُكرّس الثقة، وتُرسّخ العلاقة الإيجابية بين المواطن وصانع القرار.