يتحدث بعض التربويين عن أسلوب تربوي يساهم في زرع عادة الاتكالية لدى الأطفال وتكبر معهم هذه العادة في مراحل العمر اللاحقة.
هذا الأسلوب هو أسلوب يمكن وصفه أنه أسلوب الحب والمسؤولية، حب الوالدين للأبناء والإخلاص في القيام بالمسؤولية وهذا أسلوب عاطفي يوفر مصدرا للأمان لكنه حين يتعدى مستوى الاعتدال إلى مستوى المبالغة فإنه في هذه الحالة يقود إلى نتائج سلبية من أبرزها الاتكالية.
التربية على تحمل المسؤولية تتطلب المشاركة، فهل يتيح الآباء والأمهات فرص مشاركة لأبنائهم وبناتهم في مسؤوليات الأسرة؟ هل يشاركون في تنظيف البيت، تنظيف غرفهم، ترشيد استهلاك الماء والكهرباء، إحضار احتياجات البيت، حضور المناسبات، استقبال الضيوف، الطبخ، غسيل الأواني المنزلية، غسيل الملابس.. إلخ؟
الأطفال والشباب في زمن الخدمات التقنية بحاجة إلى التعود على الحركة، وفي الحركة بركة.
يتزوج الشاب خريج مدرسة (محفول مكفول) يتفاجأ بمهام لم يتعود عليها كان يقوم بها الأب أو السائق أو العاملة المنزلية، وتدرك الزوجة الشابة حجم المهام والمسؤوليات التي كانت تقوم بها والدتها.
يمكن القول إن العوامل التربوية هي العوامل الأكثر تأثيرا في تنشئة الأطفال تنشئة اتكالية يتعود فيها الطفل على الاعتماد على غيره في أمور كثيرة، يتعود على الأخذ دون العطاء، على الانتظار دون المبادرة.. هذا الرأي يقود إلى سؤال: هل التربية محصورة في تأمين احتياجات الأسرة فقط أو في النصائح والتعليمات النظرية؟ ماذا عن التربية العملية، عن مبدأ القدوة، عن القيم والجوانب السلوكية والمشاركة والعلاقات الأسرية وتعزيز الشعور بالمسؤولية؟
ماذا عن العلاقة العاطفية داخل الأسرة بين الوالدين والأبناء، هل توجد لقاءات أسرية أم يكتفون برسائل الجوال، هل يعبر أفراد الأسرة عن الحب المتبادل بينهم؟ الأكيد أن بيئة الأسرة الإيجابية بيئة تتغذى على الحب والتكاتف والتكامل والاحترام وتعزيز التفكير الإيجابي. في هذه البيئة الإيجابية ستكون حالة الاتكالية حالة نادرة، وسيكون جميع أفراد الأسرة على اطلاع بكل أخبار الأسرة وأحوالها واحتياجاتها وسوف يشارك الجميع بالجهد والأفكار والحلول ولن يكون دور الأبناء والبنات الفرجة فقط، ولنتذكر أن هذه السلوك السلبي -إن حدث- فإن على الوالدين مراجعة أساليبهم التربوية خاصة في مرحلة الطفولة وهي مرحلة الزرع والتأسيس، فإذا كانت أساليب التربية إيجابية في هذه المرحلة فسوف تؤسس لعلاقة بناءة رائعة في المراحل اللاحقة. ومن أهم الأفكار التربوية في عصر التقنية ألا تتحول وسائل التواصل داخل الأسرة إلى وسائل تباعد، وهذا يتطلب تقنين استخدام هذه الوسائل منذ مرحلة الطفولة حتى لا يعيش الطفل في عالم افتراضي بعيدًا عن الأسرة.