: آخر تحديث

الشعوب.. هي الخاسر الأكبر

3
3
3

نشر الزميل العراقي علاء اللامي مقالا عن التجربة الديموقراطية في ثلاث دول غربية ناجحة، وقارنها بديموقراطيات بعض دولنا العربية الفاشلة، لكنه تجنب وضع إصبعه على الجرح، على الأقل في الحلقة الأولى من مقاله.

يقول اللامي إن المجتمع البلجيكي يتألف قوميا ولغويا من مجموعتين، الناطقين بـ«الفلمنكية» و«الفالونيين»، والناطقين بـ«الفرنسية». وهناك أقلية ناطقة بـ«الألمانية»، وأقليات أخرى أصغر منها. أما دينياً فغالبية البلجيك كاثوليك 31%، وبروتستانت وأرثوذوكس 3%، ومسلمون 6.7%. والأهم من كل ذلك أن 60% من السكان لا يعرف عنهم أي ولاء ديني.

بلجيكا دولة اتحادية ذات نظام سياسي متعدد الأحزاب، لكن لا يمكن لأي حزب أن يحصل على السلطة بمفرده، نظرا للتنوع اللغوي وتشتت الكتلة الناخبة، ومن ثم تأتي الحكومات ائتلافية دائما، مع وجود معارضة، والحكم فيها، كسويسرا، ليس توافقيا، إلا بحدود تشكيل الائتلافات الحاكمة بين الأحزاب الكبيرة المنقسمة على الأساس التعددي اللغوي، وليس الطائفي أو الديني.

أما هولندا، فنظامها قريب لبلجيكا، فهو ديموقراطي تعددي يدفع لتشكيل حكومات ائتلافية بين الأحزاب الكبيرة ضمن «تقاليد تسامحية» عريقة، على الرغم من تقلب وضعها السياسي الدائم، لأن الأحزاب الهولندية ذات وجود وامتداد وطني، لا طائفي أو عرقي. وعلى الرغم من أن هناك هولنديين أصليين (80%)، ومجموعات عرقية أصلية أخرى مثل الفريزيين، وما يتبقى هم من أوروبا أو مهاجرون من العالم الثالث. المهم هنا أن قرابة 60% من الناخبين لا يصوتون لأسباب دينية. أما تجربة السويد فمختلفة، وهي أبعد ما تكون عن الديموقراطية التوافقية لعصر ما قبل الدولة، مع أن المجتمع السويدي أكثر المجتمعات تعقيداً، في أوروبا، في تركيبته القومية، التي تتكون من السويديين، وهم جرمان شماليون، إضافة لخمس أقليات قومية رسمية، واسكندنافيون أصليون، وفنلنديون سويديون، وتورنيداليون. أما دينياً، فـ41.2% بروتستانت، بينما تبلغ نسبة اللادينيين 55.4% من مجمل السكان، وتجربتهم السياسية أقرب للسويسرية، لكن بلا استفتاءات شعبية. والبرلمان مسؤول عن اختيار رئيس الوزراء، الذي يقوم باختيار وزرائه، وهو مسؤول عن تنفيذ برنامج الحكومة أمام البرلمان، مع نظام قضائي مستقل تماماً.

من كل ذلك نرى أن ما يقوم به البعض من مقارنة الديموقراطيات الغربية بديموقراطيات بعض دولنا، ثم الخروج بحكم أو رأي بأن الديموقراطية هي أساس البلاء، أمر غير سليم. فالخطر ليس في الديموقراطية، بحد ذاتها، بل الخطر والبلاء في «ثقافة» الشعب، الذي تتجه بوصلة ولائه للدين والمذهب وليس للوطن. فالولاء الديني والمذهبي، يجب ألا يعنيا الكثير في عالمنا اليوم، إن كنّا بالفعل نرغب في التعايش مع الآخر، المخالف. وعلينا أن ندرك بأن ذهاب الوطن، سينتج عنه جوع البطن. أما إن بقي الوطن، فسيبقى المذهب والدين والعقيدة، وسيكون هناك شبع وأمان وكرامة وحرية.

لكن كيف بالإمكان تغيير ثقافة الشعوب، دون آلام، خاصة أنه من المحال جعل الحياة جنة وضمان دخول الجنة؟!



أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد