عثمان بن حمد أباالخيل
الناس منذ خلقهم الله سبحانه وتعالى يختلفون في سلوكهم وطبائعهم وتصرفاتهم، وتوجهاتهم، وألوانهم، وأشكالهم. يختلفون في التعاطي مع ما يحدث من حولهم كلِ حسب مخزونه الفكري. البيئة التي تربى وترعرع بها الإنسان لها دور كبير في السلوك. في تفاصيل حياتنا نختلف مع الآخرين، هذا الاختلاف مرده قناعة كل إنسان بصحة وجهة نظرة، وهذا أمر صحي. ما الذي يحل هذا الاختلاف ويضع النقط على الحروف إنه الحوار وليس سواه. وفي ديننا الإسلامي السمح الاختلاف الظاهريّ دالُّ على الاختلاف في الآراء والاتجاهات والأعراض. وكتاب الله العزيز يقرر هذا في غير ما آية؛ مثل قوله سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (هود: 118-119).
يخطئ كثيراً من يستطيع أن يفرض رأيه على الآخرين إذا لم يكن صحيحاً ومقنعاً، وفي كافة مناحي الحياة على اختلافها، والاختلاف شيء طبيعي وعدم الاتفاق غير طبيعي، ويخطئ من يظن أنّ رأيه صحيح ما لم يحاور ويستمع للآراء الأخرى. مشاكل الحياة، والعقبات الاجتماعية، واختلاف الرأي فيما يطرأ على المجتمع من تطورات متناقضة جميعها لها حلول وليس حلا واحداً كما يعتقد البعض. العصف الذهني وإبداء الرأي والاستماع أو الإنصات للآخرين هو السبيل الوحيد للاتفاق.
هل التمسّك بالرأي يعد ثقة بالنفس؟ أم عنادا وعدم الاكتراث بالآخرين، العناد دليل على عدم الجدية والإحباط والتذمّر من النفس، وعدم الاهتمام بشؤون الآخرين وفرض الرأي وهذا لن يحدث في عالم متحضر. كم أتمنى أن أسمع هذه العبارة التي نفتقدها في حياتنا رأيك أكثر صوابا من رأيي وأراه أقرب للحقيقة، هنا يستقيم الحال وتهدأ النفوس ويُحترم قائلها. الإصرار على المواقف والآراء الخاطئة هدفه زعزعة روح التسامح والمحبة بين الناس. هناك مثل عربي يطبقه بعض الناس وهو مثل عربي: «خالف الناس.. تُعرف!». أي معرفة تسعى لها إنها معرفة سلبية.
اختلفنا واتفقنا شعار الإنسان بصفة عامة والسعودي بصفة خاصة حيث يكون وحيث ينتمي وحيث الموضوع، هذا الشعار سوف يؤلف بين القلوب والعقول ولا يصح إلا الصحيح، هذا الشعار هو النهر العذب الذي يشرب منه كل المدركين لمعنى المحبة والإخاء والدين الإسلامي دين المحبة بين الناس عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به. الاختلاف بين الزوجين والموظفين وسكان الحي وفي الشارع والجامعة والمدرسة وفي الصحراء وفي كل مكان يوجد فيه الإنسان، الحوار هو الحل الوحيد ولا سواه. الاختلاف في الرأي... لا يفسد للود قضية هو جوهر الحياة الطبيعية يا للأسف هناك من الناس لديها الاستعداد للخوض في أي موضوع، ومنهم من لا يحترم نفسه ويقر بأنه لا يستطيع أن يبدي رأيه لأنه غير متخصص، أو غير مطلع، أو أن الموضوع لا يدخل ضمن دائرة اهتماماته، والنتيجة جدال عقيم جدال بيزنطي. أعطوا الحوار البناء الوقت الكافي لحل كل مشاكل الناس مهما كثرتْ ومهما اختلفت ولا تتركوا الشيطان يلعب أدوارا شريرة يوسع بها الفجوة ويصعب ردمها.