القاهرة : في أحد المقاهي بحي مزدحم في القاهرة، كانت مباريات ليفربول تجذب حشودا غفيرة، لكن مع استبعاد "الملك" محمد صلاح، يفضل مشجعوه المصريون لعب الورق أو تصفح هواتفهم بدلا من مشاهدة الفريق الإنكليزي يلعب.
وجّه معشوق الجماهير المكنى "الملك المصري"، انتقادًا حادًا وغير معتاد نهاية الأسبوع لمدربه الهولندي أرنه سلوت، بعد أن بقي على دكة البدلاء ثلاث مباريات متتالية.
وقال للصحافيين إنه تم "التضحية بي" من قبل النادي الذي يعتبره بيته منذ سبع سنوات ونصف.
في مقهى بحي شبرا الصاخب في القاهرة، عُرضت مساء الثلاثاء مباراة ليفربول التي كانت تجذب حشودا كبيرة، على شاشة مثبتة، بمواكبة خجولة جدا.
يجلس عدد قليل من الزبائن على طاولات مهترئة، بعضهم منشغل بهاتفه، وآخرون يلعبون الورق، بالكاد يلقون نظرة على الفريق الأحمر يلعب من دون نجمهم الأبرز الذي استبعده فريقه بعد تصريحه الناري.
قال عادل سامي (40 عاما) وهو أحد عشاق صلاح القدامى الذي يتذكر كيف كان المقهى يغصّ بالرواد في سنوات تألق اللاعب "نشعر بالحزن بالطبع".
وأضاف في حديثه لوكالة فرانس برس "هو لا يستحق ما يحدث له".
استبعد ليفربول المهاجم المصري البالغ 33 عاما من قائمته في الفوز الصعب على إنتر الإيطالي 1 0 ضمن الجولة السادسة من دوري أبطال أوروبا الثلاثاء، بعد انتقاداته غير المعتادة لسلوت.
قال إسلام حسني (36 عاما) الذي يساعد في إدارة المقهى العائلي، إن الشارع خارج المقهى كان يكتظ بالمشجعين "عدد الذين كانوا يتابعون وقوفا أكثر من الجالسين على الكراسي" كلما لعب صلاح.
وأضاف "كان المقهى يمتلئ كما في مباراة قمة بين الأهلي والزمالك"، في إشارة إلى أشرس منافسة كروية في مصر.
وتابع "الآن، لأنهم يعرفون أنه لن يلعب، لا يأتي أحد".
وعند طاولة في الزاوية، طالب أحد الزبائن بهدوء من العاملين تحويل القناة إلى مباراة أخرى.
"حان وقت الرحيل"
منذ انضمامه إلى نادي "ميرسيسايد" عام 2017، قاده صلاح للعودة إلى قمة الكرة الأوروبية، ففاز بلقبين في الدوري، وبلقب في دوري أبطال أوروبا، وأضاف أيضا كأس الاتحاد وكأس الرابطة وكأس العالم للأندية.
ويحتل صلاح المركز الثالث في قائمة هدافي ليفربول عبر التاريخ، بـ250 هدفا في 420 مباراة، أما بالنسبة للمصريين فهو أعظم ما أنجبته ملاعبهم.
لكن هذا الموسم، عانى صلاح من تراجع مستواه، فلم يسجل سوى 5 أهداف في 19 مباراة، فيما فاز ليفربول بخمس من مبارياته الـ16 الأخيرة في جميع المسابقات، ليتراجع إلى المركز الثامن في دوري الأبطال برصيد 12 نقطة.
في مقهى شبرا، خيّمت مشاعر الإحباط على المشجعين.
وقال محمد عبد العزيز البالغ 40 عاما "(البرتغالي) كريستيانو رونالدو، (الارجنتيني ليونيل) ميسي (والإسباني) لامين جمال والعديد من اللاعبين يواجهون فترات سقوط في الأداء"، مضيفا "لكنهم يواصلون اللعب".
أما شادي هاني ابن الـ 18 ربيعا، فهزّ رأسه قائلا "كيف يجلس لاعب كبير مثل محمد صلاح على مقاعد البدلاء كل هذه الفترة؟".
وأضاف "لا أحد يشعر بالرضى مما يحصل، ومحمد صلاح نجم كبير وكل مصر تتشرف به، نجم مصري لا تتم معاملته بهذه الطريقة، وجميعنا نريد أن نصبح مثله، وعندما يحصل هذا الأمر من المؤكد أننا جميعا نشعر بالحزن والانزعاج".
وأردف بحزم "حان وقت الرحيل لصلاح، كان من الاجدر له عدم تجديد عقده مع ليفربول".
وترك سلوت الباب مشرعا على جميع الاحتمالات، إذ قال الاثنين "لا أعلم إطلاقا" ما إذا كان صلاح سيلعب مجددا مع ليفربول.
ومن المقرر أن ينضم صلاح إلى منتخب "الفراعنة" للمشاركة في كأس أمم إفريقيا بعد مواجهة برايتون نهاية الأسبوع المقبل، فيما تبقى له نحو 18 شهرا في عقده الذي وقّعه في نيسان/أبريل مقابل 400 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا (نحو 530 ألف دولار).
وأفاد مصدر في صندوق الاستثمارات العامة السعودي فرانس برس الثلاثاء "وضعت أندية سعودية صلاح نصب أعينها لضمه في فترة الانتقالات الشتوية".
ويُعتقد أن ناديي الاتحاد، الذي رفض ليفربول عرضا منه بقيمة 150 مليون جنيه قبل عامين، والهلال يراقبان الوضع، فيما يبدي القادسية المدعوم من أرامكو اهتماما أيضا.
ولكن المحلل الرياضي المصري حسن خلف الله يرى أن دوافع صلاح مختلفة "لو كان يهتم كثيرا بالمال، لكان قبل عروض الخليج السابقة".
واستطرد قائلا "ما يهم صلاح هو مستقبله وإرثه".
ألهمت رحلة صلاح من قرية نجريج في دلتا النيل إلى النجومية العالمية في أنفيلد الملايين.
قصته مثال كلاسيكي لتحدي الصعاب، بدأت في المقاولون العرب، ثم الانتقال إلى بازل السويسري، مرورا بفترة صعبة في تشلسي الانكليزي، قبل أن يستعيد بريقه في روما الإيطالي، ليصبح في النهاية أحد أعظم لاعبي الدوري الإنكليزي (برميرليغ).
وقال هاني "صلاح نجم مصري نفخر به جميعا".


