ستنال الممثلة التي تطاولت على الجمهور عقاباً قاسياً من نقابة الممثلين المصريين يصلُ للإيقاف عن العمل بضعة أشهر قد تصل لعام كامل، كما أن هناك أكثر من بلاغ يتم التحقيق بشأنه أمام النيابة، ومن المحتمل أن تتعرض أيضاً للسجن أو الغرامة، لأنها استخدمت في تسجيلها عبر «يوتيوب» تشبيهات يُعاقب عليها القانون.
كل هذا أراه منطقياً وعادلاً بل وحتمي أيضاً، لكن عندما تتابع تعليقات الجمهور على تلك الواقعة، تكتشف أنهم تقريباً اتفقوا كنوعٍ من العقاب على نعتها بـ«الكومبارس».
التوصيف غير دقيق، فهي ممثلة وكان لها حضورها في العديد من الأعمال، سينما ومسرح وتليفزيون، كما أن إطلاق صفة «كومبارس» على فنان ليست أبداً مسبة، دأبنا عندما نريد التقليل من شأن شخص أن نطلق عليه لقب «كومبارس»، وهكذا صارت هذه الصفة، تنال من قيمة الإنسان، أياً كان موقعه. القسط الأكبر من النجوم الذين نشير الآن إلى موهبتهم بدأوا في الاستوديو «صامتين». هناك نوعان من «الكومبارس» صامت ومتكلم، والنوع الثاني يقول كلمةً أو كلمتين، ويتقاضى ضعف أجر الصامت، روت لي الفنانة القديرة سميرة أحمد - أمد الله في عمرها - أنها في أحد الأفلام التي كان يُستعان بها كومبارساً صامتاً، وجدوا أنفسهم بحاجة إلى أن تنطق كلمتين، منحها «الريجسير» المسؤول عن المجاميع جنيهاً واحداً، قالت له إنها تستحق جنيهاً آخر، ماطلها، ذهبت لأنور وجدي منتج الفيلم، فتعاقد معها على بطولة فيلم جديد مقابل 100 جنيه، ورفض أن يسدد لها أيضاً الجنيه، وظلت حتى رحيل أنور وجدي - منتصف الخمسينات - عندما تلتقيه تداعبه قائلة: «أين الجنيه يا أستاذ أنور؟».
هند رستم بدأت كومبارساً في فيلم «غزل البنات»، ولفتت الأنظار وهي تمتطي الحصان خلف ليلى مراد في أغنية «اتمخطري يا خيل».
أحمد زكي كان كومبارساً صامتاً في مسرحية «القاهرة في ألف عام» 1969، التي لعب بطولتها سعيد صالح، وقال لي صلاح السعدني إنه كان هو وعادل إمام يشاهدان صديقهما سعيد، وفي المشهد الذي صعد فيه أحمد زكي إلى الخشبة، ولم ينطق بحرف، قال له عادل «يا صلاح الواد ده فيه حاجة»، وعندما اعتذر السعدني عن أداء دور أحمد الشاعر في مسرحية «مدرسة المشاغبين» رشح السعدني وعادل وسعيد، أحمد زكي، للدور وبدأ انطلاقه من تلك المحطة. عادل إمام بدأ المشوار في أدوار صغيرة، ومع كل نجاح يحققه تزداد مساحته، ولم يكن عادل يتنكر أبداً لتلك الأدوار، فقط كان يتحفظ على دوره «صبي العالمة» في فيلم «سيد درويش». عادل أطل عليه من منظور أخلاقي، وصارت بينه وهذا الدور تحديداً عداوة.
هناك طبعاً فنانون يبدأون الخطوة الأولى نجوماً مثل فاتن حمامة، منذ أن كانت طفلةً في «يوم سعيد»، وسعاد حسني في «حسن ونعيمة»، ويسرا في فيلم «قصر في الهواء»، الذي شهد أول إطلالة لها أمام الكاميرا.
عادل أدهم كثيراً ما ذكر لي أنه كان يقف أحياناً في «المجاميع» كومبارساً صامتاً، ويعتز كثيراً بتلك البدايات، محمود حميدة يذكر بكل اعتزاز أنه كان يشارك ضمن مجموعة الراقصين داخل العديد من الفرق المسرحية، وعندما كان يقدم نفسه في أي تجمع يتعمد أن يقول بكل اعتزاز «أنا رقاص»!
الكومبارس متكلماً أو صامتاً مهنة شريفة، لا تنال أبداً من قيمة الإنسان، الانحراف في استخدام «الوسائط الاجتماعية» هي الجريمة التي تستحق العقاب.