: آخر تحديث

حزب المحافظين في ثياب جديدة؟

3
3
2

في آخر يوم عمل قبل العطلة الصيفية لمجلس العموم البريطاني حاولت زعيمة المحافظين، كيمي بيدنوك، إقناع الرأي العام بأنها ستعود في دورة الخريف بوصفها زعيمة قوية للمعارضة، لأن استطلاعات الرأي، والظهور المتكرر في وسائل الإعلام لزعيم حزب «الإصلاح» نايجل فاراج، يعطيان الانطباع بأنه يقود المعارضة الرسمية للحكومة، رغم أن لحزبه أربعة مقاعد فقط، مقابل 120 للمحافظين.

بيدنوك أجرت تعديلات وزارية في حكومة الظل لتظهر للرأي العام معارضة قوية من يمين الوسط، بحقائب القضايا التي تهم الناخب ويضعها حزب «الإصلاح» في أولوياته. خصوصية مجلس العموم في رص البنشات (وليست مقاعد منفصلة) كمواجهة بين خصمين، ومقابل بنش الحكومة حيث يجلس الوزراء، يواجههم وزراء حكومة الظل، فيتاح للناخب معرفة مجلسي وزراء كلٍّ من الحكومة والمعارضة قبل الاقتراع في انتخابات عامة.

ورغم أن البرلمان في عطلة لستة أسابيع، فإن بيدنوك تريد أن تكون حكومة الظل في شكلها الجديد جاهزة قبل مؤتمر الحزب السنوي هذا الخريف، ويكون أداؤهم ملحوظاً في الأسبوعين الأولين من سبتمبر (أيلول) قبل رفع المجلس مرة أخرى في عطلة المؤتمرات السنوية لمدة شهر.

قطاع الصحة من أولويات الناخب، وأطباء المستشفيات في إضراب لزيادة الأجور هذا الأسبوع، فوضعت بيدنوك، ستيوارت أندرو، الذي كان وزيراً نشطاً في حكومات سابقة ليتولى الصحة في الظل. وحل محله في الثقافة والرياضة والإعلام نايجل هدلستون الذي كان وزيراً للتجارة الدولية.

أهم التعديلات استدعاء السير جيمس كليفرلي، وكان وزيراً للخارجية، ووزيراً للداخلية، اثنين من أهم أربعة مناصب (بجانب رئيس الحكومة ووزير المالية) كوزير الظل للإسكان وشؤون الإدارة المحلية. لأنه المنصب المقابل لأنجيلا راينر، نائبة رئيس الحكومة لكنها أكثر شعبية من كير ستارمر في قواعد الحزب والاتحادات العمالية، التي يفضلها كثير من أعضائها زعيمةً بديلةً عن ستارمر. راينر أداؤها أفضل من أداء ستارمر في المواجهات البرلمانية، لكنها ستواجه نداً متمرساً عنيداً في كليفرلي، وهو من يمين المحافظين وكان منافساً لبيدنوك على زعامة الحزب في الخريف الماضي.

منافسها الآخر على الزعامة كان روبرت جينريك وزير العدل في حكومة الظل، ويتخذ موقفاً أكثر تشدداً من باقي زملائه تجاه قضية المهاجرين التي تحتل أهم أولويات الناخب.

وبعكس بيدنوك وزملائه عبَّر جينريك عن تقديره لفاراج، لكنّه حذر الناخب من أن التصويت للإصلاح سيعود بالبلاد إلى الوراء.

بيدنوك تواجه هجر شخصيات ذات وزن سياسي للحزب للالتحاق بـ«الإصلاح»، مثل ديفيد جونز، الوزير السابق في عدة حكومات للمحافظين وتبعته لورا - إن جونز، الوزيرة في حكومة الظل المحافظة في المعارضة في السينيد (برلمان إمارة ويلز) متهمةً المحافظين بأن ملامح وجه الحزب لم يعد بالإمكان التعرف عليها بعد تلاشيها في السنوات الأخيرة.

بيدنوك تعي أن تراجع المحافظين لا يقتصر على الاستطلاعات لكن أيضاً في انتخابات البلديات التي خسروا معظمها قبل شهرين.

إبراز وجوه من اليمين ويمين الوسط على البنش الأمامي في حكومة الظل محاولة من بيدنوك لتبدو أنها تقدم حكومة تتعاطى مع المشكلات التي تشغل الناخب وأهمها الهجرة، والأمن الداخلي ومكافحة الجريمة والإسكان.

المحافظون يواجهون أكبر تحدٍّ منذ مائة عام كان التوازن خلالها يمنح حزب الحكومة الذي يخسر الانتخابات فرصة تصل إلى عامين لإعادة ترتيب الصفوف والاستعداد لحملة الانتخابات القادمة بعد ثلاث سنوات -لكن صعود نجم «الإصلاح» وكاريزما فاراج بخطابه الشعبوي حرما المحافظين هذه الفرصة. لكنه أيضاً حرم الحكومة العمالية من تنفيذ برنامج وعدت به الناخب. فإلى جانب الأزمة الاقتصادية فإن الفشل في التعامل مع المهاجرين وسياسات الحزب الآيديولوجية خصوصاً في برامج الطاقة والسياسات البيئية أدت إلى تناقص شعبية «العمال» منذ الأسابيع الأولى لتسلمهم الحكم.

بل إن ستارمر (بنسبة 21 في المائة ويرفضه 55 في المائة) تتناقص شعبيته في استطلاعات الرأي عن شعبية زعيم العمال السابق جيريمي كوربين (22 في المائة ويرفضه 54 في المائة)؛ وفي الإحصاء نفسه 28 في المائة يرون أن فاراج سيكون أفضل كرئيس حكومة من ستارمر (27 في المائة) ومن بيدنوك (18 في المائة).

استراتيجية بيدنوك لم تُختبر بعد -لكن نتائج انتخابات محلية أول من أمس لا تُطمئن المحافظين. فلأول مرة يفوز حزب «الإصلاح» بمقعد في مجلس بلدية بروملي في لندن التي كانت دائماً حكراً على المحافظين (29.4 في المائة)، ومرشح «الإصلاح» بـ34 في المائة من الأصوات، و18.2 في المائة لـ«العمال».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد