: آخر تحديث

«الأدب السعودي»

6
4
5

ناهد الأغا

عندما نتحدث عن النصوص الأدبية المكتوبة باللغة العربية؛ من قبل الكتاب أو الشعراء السعوديين؛ فإننا نعني بهذا التعريف؛ مصطلح «الأدب السعودي» حيث ينقسم إلى قسمين رئيسين؛ هما: الشعر والنثر؛ والأدب السعودي برمته يعد امتداداً لآداب شبه الجزيرة العربية التي تعود نشأتها إلى عصور ما قبل الإسلام؛ وهي المعروفة تاريخياً بحقبة الأدب الجاهلي ويرجع عهدها قبل 610 ميلادي.

والشعر السعودي يتألف من شقين هما: الشعر الفصيح والشعر النبطي ذاك الذي ينظم باللهجات المحلية.. ويعتبر الشعر بنوعيه الفصيح والنبطي سائداً في الأدب السعودي ويتفوق بإنتاجه على النثر والرواية؛ وله شعبية واسعة بين الجمهور لاسيما النبطي.. وهذا ربما يخالف ما نشهده في الثقافات الأخرى بالنسبة للأدب؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ الأدب الروسي الذي تتربع على عرشه فنون السرد والرواية الطويلة.

ولو تحدثنا عن الحركة الروائية في المملكة؛ نلحظ أنها تستحق النظر بإمعان وتأمل، لاسيما أن القراء العرب «بعد صدورها وزخم انتشارها» باتوا في حالة ترقب ومتابعة للاطلاع عليها؛ وقد ساعد النشر الخارجي بشكل كبير بالإسهام في اتساع الانتشار وخلق تلك المساحة الكبيرة التي وصلت إليها.

والرواية السعودية في مراحلها، وأهم ما ميزها أنها تعتمد إلى إيصال رسائل عبر ثناياها الوجدانية لتفضي بالنتيجة إلى تدوينها.. ولعل من أجمل الصور التي ركزت عليها تلك العاطفة التي تمتلكها المرأة تجاه الرجل؛ بينما يميل الرجل في سرده إلى الخطاب العقلاني الذي يمتزج أحيانا بصبغة من العاطفة؛ وهذا كله يندرج تحت الرغبة الشغوفة في إيصال ما يجود به السرد إلى القارئ لتقديم رؤية متكاملة عن أهم ما يتربع على عرش النفس البشرية.

وبهذه الميزات والخصائص الجديدة للرواية السعودية منح حضورها تكثيفا بأشكال شتى.. الأمر الذي جعل جميع فئات المجتمع على اختلاف أعمارهم ومشاربهم من شعراء ونقاد وكتاب قصة وغيرهم من الشيب والشباب يقدمون على نشر أعمالهم؛ ويهرعون إلى بوابات دور النشر الخارجية والداخلية حيث بلغت إصدارات عام 2010 وفق الاحصائية (84 رواية) على سبيل المثال لا الحصر؛ بينما سجلت الإحصائية الرقم (580 رواية) وهو الرقم الكلي للروايات الصادرة منذ عام 1930...

ولو عرجنا على أهم الأسماء التي لمعت في فن الرواية السعودية.. فإنه لا بد من القول أولا إن الرواية السعودية عبر رحلتها الزمنية توجت بمدرستين تفيض كلتاهما إبداعا في الفضاء السردي السعودي ألا وهما (عبده خال) و(رجاء عالم)؛ حيث فاز الاثنان بجائزة البوكر العالمية لعامين متتاليين.

و»عبده خال» قدم عبر سرده الروائي معاناة الإنسان بكل تفاصيلها وحالاتها مما جعل الرواية عنده تتسم بالهم والوجع؛ تلكما الخاصتان اللتان رافقتا قلمه في أغلب أعماله وخير مثال عليها «الموت يمر من هنا»؛ «الطين» و»الأيام لا تخبئ أحدا».

بينما «رجاء عالم» التي فازت بجائزة البوكر مناصفة؛ فإن قدرتها استثنائية في ولوج الفضاء الأسطوري وهي تسكب حرفها السردي حيث تنسج من تلك الخيوط الشفافة الرقيقة عالمها الخاص؛ الذي استلهمت مادته الأساس من مجتمعها (المكي) الذي ترعرعت فيه؛ فكان لها استقلاليتها المتفردة التي أوصلتها إلى الفوز بكل جدارة عن روايتها «طوق الحمام».

أما الحديث عن الشعر فهو يعتبر رافدا مهما من روافد الثقافة السعودية؛ وهو أبرز مكونات الهوية الثقافية في المملكة؛ ويشكل جزءا لا يتجزأ من التراث العربي العريق؛ وقد حظي باهتمام كبير من قبل المؤسسات الثقافية والحكومية، لاسيما في ظل «رؤية المملكة 2030»...

وكان تأسيس الهيئات الثقافية المتخصصة كهيئة (الأدب والنشر والترجمة) التي اهتمت اهتماماً بالغا بالشعر وأولته عناية خاصة عبر إطلاق المبادرات والمسابقات والدورات التدريبية؛ الأمر الذي فتح الأبواب وجعلها مشرعة لترجمة إبداعات الشعراء السعوديين لعدة لغات.

ومن أبرز مظاهر الاهتمام والذي يعتبر أهم استراتيجيات الهيئة من حيث النوعية والتي تتماهى مع التطور المعاصر؛ إقامة وتنظيم مهرجانات شعرية وأبرزها (أمسيات سوق عكاظ) و(موسم الرياض الشعري)؛ حيث تقدم تلك المهرجانات الفرص للشعراء السعوديين لإلقاء قصائدهم الإبداعية التي نظموها أمام جمهور كبير؛ مما يعزز تواجدهم على الساحة الأدبية ويمنح حضورهم أهمية واسعة.. ناهيك عن جعل الثقافة عادة يومية وفعلا مجتمعيا؛ وتجلت هذه الاستراتيجية من خلال عرض برامج تصب في هذا الشأن وتعزز خطة الهيئات الثقافية؛ وكمثال حي على ذلك (برنامج الشريك الأدبي) الذي ضم عدداً واسعا من التجارب الشعرية والتي من خلاله أتيحت لها الفرصة لتسليط الضوء على تجاربها ودعم حضورها.

ويتشارك الإعلام مع خطط الهيئات الثقافية من خلال البرامج التلفزيونية المتخصصة كالمسابقات الشعرية التي تبث عبر القنوات المحلية والعربية بتعزيز الحضور الثقافي للشعراء وعرض تجاربهم الشعرية التي تثري الأدب السعودي وترفد نتاجه بقصائد إبداعية متفردة... ويأتي (برنامج المعلقة) الشهير الذي استقطب جمهوراً فاق بحضوره التوقعات؛ يأتي هذا البرنامج بتفاصيله ليلقي الضوء على التجارب الشعرية المتنوعة والمتجددة شكلاً ومضموناً.. وغيرها الكثير من البرامج التلفزيونية والإذاعية ومن خلال هذه البرامج والخطط الرائدة فإن الشعر السعودي يمكن وصفه بالمتجدد والمتميز دائما ويعزى ذلك للاهتمام المتزايد وإيلائه كل الدعم الذي توليه له (رؤية 2030).. ذاك الدعم الذي يربط جسوراً وثيقة بين ماضي المملكة العريق وحاضرها المتجدد.. حفاظاً على الأصالة وانفتاحاً على المستقبل المشرق.

ويبقى هناك ثمة لاعب إلكتروني؛ وهو بمثابة الوسيط النشط الذي بات يرسم بكل حرفية خريطة جديدة تتفرد في جماليات النص الأدبي سواء كان شعراً أو نثراً ألا وهو «وسائل التواصل الاجتماعي».

وهي بمجملها حققت نجاحاً باهراً وأحدثت نقلات نوعية في عالم الكتابة الأدبية.. فكانت بمهمتها تلك «وسائل التواصل الاجتماعي» حقولا يجني المرء من دواليها الشعر الذي يقطر عذوبة؛ وقطع السرد التي تجذب بشغف محبيها من جميع الفئات على اختلاف أذواقهم.. وكان لرأي الكثير من الأدباء بأنها أحدثت تغيراً نوعياً في الكتابة الأدبية، وحركت ذلك الصمت الذي يسكن خواطر كثير من المبدعين وجعلته أيقونة تشع بألقها وترسم حضوراً منقطع النظير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد