: آخر تحديث

الغزو الصيني العظيم

3
3
3

سارة النومس

أقسمتُ على عدم تقديم رأي أو اقتراح لشكوى صديقة لي، ذكرتْ زوجها بسوء عندما تغيرت معاملته وقسوته مع أطفاله وعدم مكوثه في المنزل طويلاً، فضلاً عن احترامه الذي افتقدَتْه، وكيف أنه لم يعد يطيق الخروج معها، ويحرمها الكلام الجميل واللطيف... وغير ذلك من السلبيات.

ثم بعدها، قامت هذه الصديقة بذكر زميلتها في العمل، فقالت إن زوجها اشترى لها طقم ذهب جديداً، وكيف أثر ذلك في نفسيتها.

وذكرتْ شقيقها الذي امتدح زوجته أمامها، وتمنّت لو أن زوجها مثل شقيقها.

وعرّجت على ذكر صديقتها التي تلقت تحويلاً مالياً من زوجها، متحسرة لماذا هي لا تحصل على تحويلات مالية من زوجها!

وكذلك صديقاتها اللواتي يسافرن كل عام في إجازة الصيف، وزوجها الذي لم يعد يطيق السفر معها ومع أطفالهما.

أصبتُ بالصداع وقتها، وتساءلت: كيف يستطيع إنسان الاستماع لتلك المقارنات يومياً؟

معظمنا في هذا المجتمع المرفّه اعتاد المظاهر وارتداء أفخم الماركات وشراء اسم السيارة قبل مواصفاتها وجودتها...

والحقيقة أنه بعد الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية الناعمة أيقظ التواصل الاجتماعي الذي بدأ بكشف حقيقة أن معظم الماركات الأوروبية لا تصنع في بلدها، وإنما يتم تصنيعها في الصين.

وأنا لا أعرف حقيقة ذلك الكلام، فقد سمعته كثيراً في السابق من كويتيين يسافرون كثيراً للصين.

أعجبت بصديقتي التي تحضر منزلها الجديد بتأثيثه من الصين، وقامت مع زوجها بالسفر إلى هناك لاختيار الأثاث بالكامل «بارك الله لهما»، وقد ذكرت أن الجودة عالية جداً، والأسعار مناسبة وأرخص بكثير من أسعارها في السوق المحلي.

نحن نشتري الاسم والشهرة لا الجودة والفعالية، فعندما ندخل أحد المتاجر التي تعرض الحقائب مصفوفة بعضها بجانب بعض، وبأسعار مناسبة، فنتركها ونتجه للمتجر الكبير ذي الإضاءات العالية والسجاد الفاخر، وكبرياء العاملين فيه، وقد وضع كل حقيبة في مكان خاص بها وكأنها عروس مزينة، وعندما نهم بالشراء يوضع النسكافيه مع كأس الماء على الطاولة، وتبدأ الابتسامات المتبادلة مع إعجاب العامل باختيار الزبون، وأحياناً سرد قصة الحقيبة وكأنها أهم من قصة حياتنا، عندها فقط نعلم أننا نشتري الوهم، والصين تأتي اليوم لتقول: سأضع معايير جودة عالية بأقل سعر، فإما أن تقتنع بشراء الجودة وتوفير المال أو تشتري الوهم وتفلس في نهاية الشهر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد