الفكرة الإبداعية للحملة الاتصالية ليست مجرد ومضة ذهنية! بل الشرارة التي تُشعل الحملة، وتجعلها قصة تلهم الجمهور وتقترب من تحقيق الأثر، الحملات الاتصالية اللافتة لا تنجح لأنها تملك ميزانيات ضخمة، أو فريقاً محترفاً؛ بل لأنها تعرف كيف تُولد الأفكار، وتُنمَّيها وتُترجمها في أبهى صورة، لأن الإبداع في التواصل ليس رفاهية، بل ضرورة استراتيجية في زمن ازدحام الرسائل والصور والإعلانات.
الأفكار الإبداعية لا تجيء من العدم، بل من مصادر متنوّعة وضمن مسارات محددة، من داخل المنظمة ومن خارجها، لكن المهم أن نكون منفتحين على كل الأفكار، حتى لو كانت جديدة أو غريبة، أو حتى مستهلكة!
أهم مصدر يبدأ من فهم المستهدف، أي بذل الجهد في الفهم العميق لخصائص وصفات الجمهور، قيمه، احتياجاته، طموحاته، مخاوفه، فمتى ما وضعت المتلقي في مركز التفكير، حتماً سوف تصل إلى الفكرة الإبداعية المؤثرة، أما ثقافة المجتمع فهي المصدر الغني الآخر، فالسياق الثقافي والاجتماعي معيِن أفكارٍ لا ينضب، لأن الحملات التي تنبع من البيئة المحليةـ كاستخدام اللهجة أو الرموز الوطنية أو الذكريات المشتركة، تخلق وصولاً واسعاً وتفاعلًا أقوى، وهو ما نلمسه دوماً في الحملات التي ترتكزت على ثقافة مجتمعنا السعودي.
إلى البيانات والتحليلات، التي تعتبر البوابة المنهجية للإبداع، فاتجاهات سلوك المستخدمين على المنصات الاجتماعية، أو تعليقات شرائح الجمهور، وغيرها، تمنح المبدعين بوصلة الاتجاه الصحيح للفكرة، أيضاً لا ننسى القصص الإنسانية والتجارب الشخصية لأعضاء الفريق أو الجمهور.
لكن دعني أخبرك عن أحد أسرار النجاح في الإبداع الاتصالي! ألا وهو كسر احتكار الفكرة! فبدلاً من حصر العصف الذهني ضمن دائرة ضيقة، بل تُفتح المساحة أمام الجميع، نعم من مخططي الحملة الاتصالية إلى المستهدفين أنفسهم!
تبدأ من داخل المنظمةـ بأن تفتح ورش العمل الجماعية وجلسات العصف الذهني لغير المختصين، مما يتيح للأفكار أن تتلاقح وتتطور، وقد تأتي فكرة لافتة من غير مختص بالتواصل أو التسويق، لأنه يرى الأمور من زاوية مختلفة.
أما الجمهور المستهدف فأضحى اليوم اتجاهاً متصاعداً لجذب الأفكار، وأبرز الممارسات ما تقوم به بعض الشركات من إشراك المستهلكين في تصميم المنتجات أو اقتراح المسميات، مثل ما تفعل شركة "ليغو" لألعاب البناء البلاستكية، الذي أضحى الجمهور المصدر الأول لمنتجاتهم الجديدة، أو عملاق شرائح البطاطس "ليز" الذي يقدم جائزة ضخمة لمن يقدم فكرة نكهة مبتكرة، مما عزز الولاء والشعور بالمشاركة، بالطبع لابد من تطوير صياغة الفكرة، حتى تصل إلى النضج المطلوب.
الإبداع في التواصل ليس حظًا عابرًا، بل ثمرة بيئة مشجعة على الفضول، والانفتاح، والتجريب، فالفكرة المميزة لا تأتي من شخص عبقري بقدر ما تنشأ من فريقٍ متعاون، وجمهورٍ متفاعل، وثقافةٍ تحفّز على طرح الأسئلة، وحين تتضافر هذه العناصر معاً، حتماً تخرج أفكار تترك بصمة لا تُنسى.