: آخر تحديث

الرياض وبرنامج جودة الحياة ورؤية 2030

3
3
3

عبدالله الزازان

شاركت ضمن مجموعة من الأكاديميين والأكاديميات والباحثين والمختصين في ورشة «جودة الحياة» في منطقة الرياض - بدعوة كريمة من مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري - حيث قدمنا أفكارًا بنّاءة وعملية حول جودة الحياة وأساليب تطبيقها وتفعيلها. حظيت الورشة بتفاعل كبير من المشاركين والمشاركات، وتعامل واعٍ وإدارة حضارية فعّالة، وتخطيط وتنظيم دقيق، وتدفق للمعلومات بشكل واضح، ونتائج عالية الكفاءة والجودة. و«جودة الحياة» هو أحد برامج رؤية 2030، وأُطلق عام 2018، ويعد أحد البرامج التنفيذية للرؤية، ويهدف إلى تحسين نمط الحياة من خلال مجتمع حيوي، ينعم بأسلوب حياة متوازنة ومستدامة، ويحقق الرفاهية الاجتماعية، والسعادة الشخصية. ويُعدّ مفهومًا عالميًا يتجاوز الثقافات والحدود، متعدد الأبعاد، ترفيهيًا وثقافيًا وصحيًا ورياضيًا ونفسيًا. دارت نقاشاتنا حول ربط الفكر الأكاديمي لجودة الحياة بالتطبيقات الواقعية، حيث تحتل الرياض مكانة متقدمة عالميًا في برنامج جودة الحياة، وتسبق مدنًا عالمية كبرى كباريس ونيويورك ومدريد، وذلك لوجود بنية تحتية متقدمة وشعور قوي بالأمان، ونظام رعاية صحية عالية المستوى، وبنية ترفيهية حيوية، وخدمات راقية ومتطورة، ومراكز تسوق فاخرة، وشبكة نقل عام فعّالة ومنظمة، ووسائل راحة داخل المجمعات السكنية والمكتبية والتجارية. ويتمتع مجتمع الرياض، بالمفهوم الشامل لجودة الحياة المتكاملة، ومستويات الرفاه الاجتماعي، والحداثة النابضة بالحياة والمبادرات الترفيهية النموذجية على مستوى المدينة، كالجيل الجديد من الحدائق ذات التصاميم العصرية «مشروع حديقة الملك عبدالعزيز، وحديقة الملك سلمان»، والتي تضيف بُعدًا إبداعيًا ترفيهيًا للمدينة، ومشروع المربع الجديد، ومطار الملك سلمان الدولي، ومركز الملك عبدالله المالي، وبوابة الرياض، وحديقة البوليفارد، ومشروع بوابة الدرعية، ومشروع القدية، وقطار الرياض (مترو الرياض)، والبرنامج السعودي لجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، والحي الإبداعي الذي يجمع شركات التقنية والإعلام والابتكار والأعمال الفنية، والمساحات الحضرية، والمسارات الرياضية للدراجات الهوائية والسكوترات الكهربائية والكراسي المتحركة، وأرصفة وممرات المشاة الحديثة، ومشروع «الرياض آرت» الذي حوّل المدينة إلى معرض فني مفتوح، والرياض الخضراء. وقد حولت تلك المبادرات الجديدة والمشاريع الكبرى الرياض إلى مركز إبداعي عالمي، وصانعة لجودة الحياة في المدينة، واليوم الرياض مدينة حيوية، تضفي لمسة جمالية على مختلف أرجائها، مليئة باللحظات الجميلة، خاصة بعد أن أصبحت التكنولوجيا جزءًا من تفاصيلها. حيث تلعب التكنولوجيا الحديثة دورًا محوريًا في تعزيز الابتكار وثقافة الحياة، فالبنية التحتية التكنولوجية وفّرت جودة الحياة الرقمية، حيث تمتلك الرياض تقنيات رقمية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات اللوجستية والأجهزة الرقمية والتطبيقات الذكية، وذلك لرفع مستوى الكفاءة التشغيلية والإنتاجية، فلم تعد التكنولوجيا اليوم خيارًا ترفيهيًا، بل جزء جوهري في حياة إنسان العصر الحديث، بعد أن أصبح العالم الرقمي في نظر الجيل الجديد هو الحياة الجديدة. فإذا كان معظم جيل الرياض من الشباب يقضي 7 ساعات أكثر أو أقل على الإنترنت، فإن هذه الساعات فرصة للإلهام الإيجابي فالمنهج المتوازن لاستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى سهولة الوصول إلى المعلومات، والتمكن من التعلم عن بُعد، وتسهيل الحياة اليومية من خلال الخدمات الرقمية المختلفة، وكسر مسافة الحواجز الجغرافية، وتوسيع المدارك، وتبادل المعلومات والتجارب، والتفاعل الاجتماعي، والتبادل الفكري، على أن يكون الإنترنت مصدرًا للثقافة والمعرفة وليس مصدرًا للترفيه فقط، فالانفتاح المدروس على ثقافة التكنولوجيا يحسن جودة الحياة، ويشجع على التفكير المنفتح، ويوسع الآفاق. فجودة الحياة مفهوم شامل يشمل تقييم الفرد لذاته في سياق ثقافته وقيمه، ويتضمن جوانب أخرى كالصحة البدنية والنفسية، والعلاقات الاجتماعية، والمستوى التعليمي والاقتصادي، والشعور بالأمان، والتسامح حيث يرتبط التسامح بجودة الحياة، ويعزز العلاقات الإنسانية، والروابط الاجتماعية، ويخلق مناخًا صحيًا وشعورًا بالراحة النفسية، ويسهم التسامح في بناء مجتمع آمن، فجودة الحياة لا تقتصر على الرفاهية المادية وحدها، بل تعكس مدى رضا الفرد عن حياته بشكل متوازن وقدرته على تحقيق أهدافه وتوقعاته. ويقدم برنامج جودة الحياة في الرياض تجربة فريدة في برامج الثقافات الترفيهية، والبيئات الطبيعية، والسلامة والأمن، والصحة، لتكون الرياض وجهة عالمية. وقد حققت الرياض تقدمًا ملحوظًا في جودة الحياة عالميًا، حيث احتلت المرتبة الثالثة عالميًا والأولى آسيويًا وإقليميًا في مؤشرات جودة الحياة. وتتنوع فرص الترفيه في الرياض ما بين موسم الرياض، الذي يقدم مجموعة من المهرجانات والعروض المسرحية والفعاليات العالمية، والمناسبات المجتمعية والوطنية. وفي ظل التحولات المجتمعية في مدينة الرياض، يمثل قطاع المقاهي والمطاعم، والصالونات الأدبية، تجربة فريدة، في تحسين جودة الحياة، باعتبارها جزءًا من أسلوب الحياة المعاصرة، خاصة عندما تتبنى الفعاليات الترفيهية والثقافية، التي تحسن من جودة الحياة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد