: آخر تحديث

صورة الطبيب كوميدياً

2
2
2

عاد باسم يوسف إلى مصر من دون برنامجه الذائع «البرنامج». رجل شيّب، يقول لمحدثه أحمد سالم، إنه تغيّر، والتغيُّر سنة البشر. وبدا الفنان اللاذع مرتاحاً في دوره الجديد كما كان في صورته الأولى، المصري العربي المُقاتل في سبيل غزة، المناضل في سبيل فلسطين.

قبل عودته إلى القاهرة، ربح باسم معارك قاسية في الميديا الأميركية، المعروفة بولائها لإسرائيل. بطريقته وأسلوبه وثقافته، وليس بالصراخ والشتائم والعويل. مرة أخرى يضع الكوميديا الجذّابة في موضع النقد السياسي.

أعتقد أن تأثير باسم يوسف، الاجتماعي والسياسي، كان في حجم دار صحافية كبرى. وكان خصومه يُقدمون له باستمرار مادة هائلة للسخرية. قلائل من جمع مثله بين موهبة الكتابة والتمثيل والفن الكلي. أي الشجاعة المطلقة من أجل العمل الفني. ولعل بعض خصومه كانوا أيضاً على مستوى واضح من التسامح وسعة الصدر، خصوصاً الرئيس الراحل محمد مرسي، المتسربل أبداً بعثرات الظهور الجماهيري، والافتقار إلى الخبرة السياسية.

وضع الأستاذ فاروق جويدة كتاباً جميلاً عن مقابلاته مع الموسيقار محمد عبد الوهاب. قال في إحداها إن ما لفته في الكوميدي سمير غانم أنه لا يعتمد الحركات التهريجية السائدة يومها مثل إسماعيل ياسين، وغيره. باسم يوسف كان بداية مختلفة تماماً في فن الهزل المصري، وبالتالي العربي. شاب يترك الطب والجراحة من أجل موهبته الأهم. وفي هذا النوع من الفن الفائق الصعوبة، يُسجل عملاً غير مألوف المستوى. النص والمادة والأداء والإخراج وفريق العمل، والجهد المُضني الذي يتخذ على المسرح صورة ضحكة «ملعلعة».

يتهيأ لي أن باسم يوسف اتخذ صيغة برنامجه، متأثراً بأشهر برنامج أميركي «استعراض الليلة» الذي كان يقدمه جوني كارلسون. فقط الصيغة الأساسية، أما كل شيء آخر فهو باسم يوسف. وكان من الصعب العثور على برنامج موازٍ: شخصية المقدم، وتكلفة الإنتاج (ومنها أجره) والحرص على هذه الدرجة من التميّز. لا عودة إلى ذلك الآن. ولا نعرف إن كان يعد بشخصية أخرى تتناسب مع طاقاته. ما قاله لأحمد سالم إنه ينصرف الآن إلى شؤونه العائلية، هو وزوجه الفلسطينية، التي لم تترك مهنة الطب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد