: آخر تحديث

عرض الصقور والصيد السعودي.. حين يلتقي التراث بشموخ الحاضر

2
2
2

تغريد إبراهيم الطاسان

في كل عام، يعود معرض الصقور والصيد السعودي الدولي ليحملنا في رحلةٍ لا تشبه سواها.. رحلةٍ تجمع بين عبق التاريخ وأجنحة المجد، بين الأرض والسماء، بين إرثٍ أصيلٍ ضاربٍ في جذور الصحراء، وحداثةٍ تسكن قلب المملكة العربية السعودية المعاصرة التي تمضي بخطى واثقة لتحقيق أهداف رؤيةٍ واعدة.

هذا المعرض لا يعتبر حدثًا ترفيهيًا فقط، انما هو مرآة لهويتنا الثقافية والإنسانية، وصوتٌ يصدح بأن الأصالة ليست شيئًا من الماضي، بل روحٌ تعيش فينا وتتجدد.

هناك، في ساحة الصقور، تتقاطع حكايات الأجداد مع طموحات الأحفاد؛ وتلتقي يد البادية التي مهدت بأمر الله وعورة الصحراء، مع يد الشاب الذي يوثق لحظة الانطلاق بكاميرا حديثة وعدسة رؤيةٍ متفائلة.

الصقر في موروثنا أكثر من طائر.. هو رمزٌ للكرامة، والحرية، والعلوّ عن الصغائر. فمن يرى مئات الصقور تحلّق في سماء المعرض، يدرك أن ما يراه ليس استعراضًا، انما إعلانًا حي عن قيمٍ لم تبهت مع الزمن: القوة، الشموخ العزّة، الشجاعة، والوفاء.

ما يميز هذا المعرض عن غيره، أنه لا يكتفي بالعرض والمشاهدة، بل يبني جسورًا بين التراث والاقتصاد، بين الهواية والاستثمار.

فيه نجد أقسامًا تعنى بتقنيات الصيد الحديثة، وأخرى تُعرّف بالزراعة وإنتاج الأدوات، وأجنحةً تفتح آفاقاً جديدة لريادة الأعمال في مجالاتٍ كانت يومًا حِرفةً تُمارَس بالفطرة.

ولعل من أجمل ما في المعرض هو تلك المساحة الإنسانية التي تجمع الكبار والصغار، الرجال والنساء، المواطنين والزوار من مختلف الدول، حول عشقٍ واحد: عشق الصقور الذي يجعل من زوايا المعرض وأقسامه لوحات ناطقة يختبئ بين تفاصيلها الجمال والعراقة.. والشغف أو الانبهار الذي يلاحظ في نظرة طفلٍ يُمسك صقرًا للمرة الأولى، أو من خلال حكاية صقّارٍ ورث المهنة عن أبيه، وفي بريق عيون الزوار حين يرون كيف تتحول الصقارة من ممارسة فردية إلى مهرجانٍ حضاري يليق بالمملكة ومكانتها.

معرض الصقور والصيد السعودي ليس مجرد فعالية موسمية، بل هو ذاكرةٌ متجددة واحتفاءٌ بالهوية الوطنية الأصيلة.. هو معرض يحتفل من خلاله بوفاء السعودي لأصله وتراثه مهما كان مرناً مع تحديثات الزمن.. ومهما كانت سرعة تحليقه نحو فضاءات المستقبل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد