لم يمضِ على مؤتمر شرم الشيخ المصرية سوى بضعة أيّام، حتى بدت لنا بوادر الانشقاق والفِراق بين طرفي النزاع، إسرائيل و«حماس»، وكل طرف يجرُّ حبل الصواب لشاطئه.
خطّة ترمب للسلام في غزّة، ركّزت على إنهاء الحرب وتسليم الرهائن والجُثث في المرحلة الأولى، ثم نزع سلاح «حماس» وتشكيل إدارة قطاع غزة في المرحلة الثانية، التي بدأ الحديثُ عن تنفيذها رغم عدم نهاية المرحلة الأولى، مرحلة الرهائن والجُثث وأسرى فلسطين.
تعرقل تسليم بعض الجُثث، تقول «حماس» إنها تفتقد للتقنيات اللازمة للعثور عليها، وتقول إسرائيل إن «حماس» تكذب وتناور، وتقول أميركا الترمبية، إياكم يا «حماس»..!
طالب «منتدى عائلات الرهائن والمفقودين» الحكومة الإسرائيلية بتأخير تنفيذ المراحل التالية من الاتفاق الذي أُبرم مع «حماس» إن لم تُسلّم جثث الرهائن المتبقية.
عضو «اللجنة التنفيذية» لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، قال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعلم أن للاحتلال نوايا لاستئناف القتال، خصوصاً أن هناك مؤشرات لإمكانية عودته لتدمير وفرض السيطرة، ونعرف أن هناك عقبات في المراحل التالية، ونريد تذليلها في الإطار الدولي، وكذلك في اجتماع الفصائل لإنهاء أي تهديد له».
هذا من جهة، ومن ثانية، فإن هناك تحضيرات لحوار فلسطيني- فلسطيني، من أجل بناء كلمة فلسطينية واحدة وموقف موحّد، وهذا مسارٌ آخر من مسارات الافتراق، ربما.
مصدر فلسطيني قال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حوار فلسطيني - فلسطيني مُزمعٌ إجراؤه في القاهرة، خلال الفترة المقبلة، ونترقب حدوثه قريباً للغاية، ونتطلع لنجاحه في ظل مخاوف تهدِّد الاتفاق بالانهيار».
الحوار الفلسطيني المُزمع في القاهرة يضمُّ مجموعات فاعلة مثل «حماس»، و«الجهاد»، و«الجبهة الشعبية»، و«تيار الإصلاح» التابع للقيادي محمد دحلان. حسبما أكد مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط».
هل يتفق المختلفون الفلسطينيون على مسألة إدارة غزّة؟!
هذه بحدّ ذاتها معضلة كبيرة خطيرة، فلسطينية داخلية، بصرف النظر عن ملاحقات وتشديدات أو «خنزوانات» نتنياهو، كما يؤثر التعبير بهذه الكلمة، عزيزنا الأستاذ رضوان السيّد.
نعلمُ ويعلمُ كل واقعيٌ، أن ما جرى في شرم الشيخ هو «بداية البداية» وليس البداية حتّى، ناهيك أن يكون النهاية أصلاً.
السبيل للمشي نحو النهاية، هو الشروع ببحث المسائل الكبيرة المُؤسّسة للقضية، أي الدولة الفلسطينية والدولة الإسرائيلية وتحديد العلاقات بينهما، أي «توليد» الدولة من رحم المعاناة الدامية.
ما سوى ذلك، لن يكون سوى فترة هدوء عابر، ليشتعل الفتيلُ من جديد. ويتجهّز كل طرف للجولة المقبلة.