إيلاف من لندن: في خطاب ألقاه في العاصمة السعودية الرياض، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، وعرض إمكانية اتخاذ خطوة مماثلة تجاه إيران، مؤكدًا أن أولوياته في الشرق الأوسط تتمثل في "السلام والصفقات المربحة"، وليس في السياسات التقليدية التي اعتمدتها الإدارات السابقة.
وجاء الخطاب في اليوم الأول من جولته الخليجية، التي تستمر أسبوعًا وتشمل المملكة العربية السعودية، قطر، والإمارات العربية المتحدة. وقد ألقى ترامب كلمته من مركز الملك عبد العزيز للمؤتمرات الدولي، أمام جمهور من المسؤولين والمستثمرين، خلال منتدى الاستثمار السعودي الأميركي.
سوريا... "فرصة جديدة لتحقيق العظمة"
قال ترامب إن رفع العقوبات المفروضة على سوريا جاء بناءً على مشاورات مع قادة في المنطقة، وفي مقدمتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معربًا عن أمله في الحكومة السورية الجديدة.
وأضاف الرئيس الأميركي: "أُعطي سوريا فرصة لتحقيق العظمة"، في إشارة إلى بداية مرحلة جديدة من العلاقات مع دمشق، دون أن يذكر تفاصيل حول ماهية الحكومة أو التغييرات التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار.
"غصن زيتون" لإيران... وتحذير من "الضغط الأقصى"
وفي الشأن الإيراني، جدّد ترامب تأكيده أن طهران "لن تمتلك أبدًا سلاحًا نوويًا"، لكنه عرض ما وصفه بـ"غصن الزيتون" من أجل إبرام اتفاق جديد يحدّ من البرنامج النووي الإيراني. وأكد أن هذا العرض "لن يستمر إلى الأبد"، ملوّحًا بالعودة إلى سياسة "الضغط الأقصى" إذا لم تستجب طهران.
وقال: "يمكن لإيران أن يكون لها مستقبل أكثر إشراقًا. الخيار لهم"، مضيفًا أن الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض، لكنها في الوقت ذاته "تتحرك بسرعة"، داعيًا القيادة الإيرانية إلى اتخاذ قرار عاجل.
صفقات واستثمارات... رؤية قائمة على الاقتصاد
في اليوم الأول من زيارته، التقى ترامب عددًا من كبار المستثمرين الخليجيين، وأعلن عن التزام سعودي باستثمارات تصل إلى 600 مليار دولار أميركي داخل الولايات المتحدة. وأشار إلى أن هذه الجولة ليست مخصصة فقط للسياسة، بل تهدف إلى تعزيز "رؤية تعاونية" جديدة في المنطقة، تضع الاقتصاد والتجارة في الصدارة، بدلًا من "الفوضى والصراعات القديمة"، على حد وصفه.
مقاربة مختلفة عن الإدارات السابقة
خلال خطابه، وجّه ترامب انتقادات ضمنية للسياسات الخارجية الأميركية السابقة، مؤكدًا أن ما سمّاه "تدخّلات بناة الأمم" قد أدى إلى تدمير دول أكثر مما بنى. وأضاف: "من الأهمية بمكان أن يدرك العالم أن هذا التحول الكبير لم يأتِ من تدخلات الغربيين الذين يلقون المحاضرات عن كيفية العيش أو إدارة الشؤون الداخلية".
وتابع ترامب: "جيل جديد من القادة في الشرق الأوسط يتجاوز الانقسامات القديمة، وينظر إلى المستقبل بعين اقتصادية تنموية"، في إشارة إلى شراكته مع القيادات الخليجية التي وصفها بـ"البراغماتية".
تطبيع محتمل... واتفاقيات سلام في الأفق؟
في ختام خطابه، عبّر ترامب عن أمله في أن تنضم المملكة العربية السعودية إلى "اتفاقيات أبراهام" في الوقت المناسب، لكنه أشار إلى أن القرار يعود للقادة في الرياض. وقال: "أعتقد حقًا أن هذا سيكون أمرًا خاصًا، لكنكم ستفعلونه في الوقت المناسب".
كما ألمح إلى استعداده للعب دور في الوساطة بين طهران وواشنطن، وبين روسيا وأوكرانيا، مشيرًا إلى احتمال عقد محادثات في إسطنبول بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت لاحق من الأسبوع.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب يعتزم إرسال مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو لتمثيله في المحادثات، دون تعديل برنامجه الخليجي.
"نحن في أفضل حالاتنا"
اختتم ترامب كلمته بإشادة بالتنمية المتسارعة في المنطقة، واصفًا الولايات المتحدة بأنها "البلد الأكثر إثارة"، قبل أن يبتسم قائلًا: "باستثناء بلدكم. أنتم أكثر إثارة".