: آخر تحديث

سوريا أمام التغلب على التحديات

3
3
3

خالد بن حمد المالك

يواجه النظام السوري الجديد مجموعة من التحديات ليس من السهل التغلب عليها، خاصة مع رفض إعطاء تنازلات تضر بمصلحة البلاد والشعب، وما يحيط بسوريا من تحديات أعلن عنها المستفيدون من نظام بشار الأسد، وتحديداً من الدول والميليشيات التي خسرت نفوذها في سوريا، وجاء الإعلان مبكراً مع سقوط النظام السابق.

* *

أبرز هذه التحديات ذلك التدخل السافر في شؤون سوريا من إسرائيل، واحتلالها لبعض الأراضي السورية، وتكرار هجماتها على مواقع الجيش، وغير المواقع العسكرية، حتى أن عدوانها وصل إلى قصر الرئاسة، وهدّد رئيس الدولة، وهو ما كان ليفعله مع رئيس النظام البائد الذي ربما أنه كان على تعاون مع إسرائيل.

* *

ومن بين التحديات - كما هو واضح- موقف المكون الدرزي والكردي السوريين، وإصرارهما على عدم وضعهما اليد بيد النظام دون حصولهما على امتيازات لا تخدم سوريا، بل إنها قد تُفشل ما يجري التخطيط له لمعالجة الكوارث التي تركها نظام بشار الأسد، والإرث الذي قوّض كل البنية التحتية في البلاد.

* *

مع هذه التحديات، وما يضاف إليها من تبعات تحميل النظام الجديد مسؤوليات كل ما كان عليه النظام السابق من جرائم بحق الشعب، ومنها إبقاء الكثير من العقوبات السابقة على العهد الجديد، وإملاء الشروط المجحفة بحق الشعب السوري ما لم يتم الاستجابة للإملاءات التي لا تخدم سوريا إن تمت الموافقة عليها.

* *

إن تجاوز هذه التحديات وهزيمتها لن يتحقق ما لم تتخلَ بعض المكونات عن التعامل والتعاون مع الخارج، وخاصة مع إسرائيل، فإسرائيل وغير إسرائيل لهم أطماع ومصالح في زرع الخلافات بين السوريين، وتفكيك وحدة الكلمة بينهم، وصولاً إلى تمزيق سوريا وتحويلها إلى مجموعة كيانات تتحارب وتتقاتل، دون وجود دولة موحدة وقوية يكون الجميع تحت ظلها.

* *

وإن من يراقب المشهد السوري، لا يخامره أدنى شك من خطورة ما يجري، وأنه يُعطل علاج ما أفسده نظام الأسد، ويؤخر تنفيذ أي إصلاح يتجه إليه عمل الحكومة الجديدة، ولكنه بالتأكيد لن يطفئ شمعة الإصلاح، ولن يوقف إصرار النظام الجديد على المضي في تحقيق الأهداف التي أعلن عنها لمصلحة كل مكونات الشعب دون استثناء.

* *

وحري بالسوريين جميعاً أن ينتبهوا لهذه المؤامرة، وما يحاك ضدهم، فيزيد ذلك من إصرارهم على تحقيق وبلوغ ما يستجيب لطموحاتهم، ويتناغم مع التضحيات الكبيرة التي قدموها، والدماء الزكية التي سالت في كل شارع وميدان في سوريا، فلا يكون أمامهم في معالجة الأوضاع المزمنة من خيار إلا بالتوجه نحو التفاهم بالكلمة الطيبة، وبالحكمة التي يُستند إليها عند التباين في وجهات النظر.

* *

هناك فرصٌ كثيرة لتغيير سوريا نحو الأفضل والأحسن، ولتعود دولة قوية لا يحتكم مواطنوها في معالجة خلافاتهم إلى السلاح، وإنما بالكلمة الموزونة، والأخذ بالرأي الراشد، وأن يتعلموا مما يجري في السودان من نزاعات وصراعات، وقيام تشكيلات لتفتيت الدولة وتمزيقها، تنفيذاً لأجندة خارجية.

* *

ولا تنسوا موقف المملكة، التي دعمت النظام الجديد منذ اليوم الأول، ونجحت في إقناع الرئيس الأمريكي برفع العقوبات عن سوريا، بل وتمكين الرئيس أحمد الشرع من الاجتماع بالرئيس ترامب، فضلاً عن دعم الاقتصاد السوري بمشاريع كثيرة مشتركة، ضمن الاستثمارات السعودية التي قادها على رأس مجموعة من رجال الأعمال والحكومة وزير الاستثمار السعودي.

* *

على أننا لن نفقد الأمل في العودة إلى الحوار الودي الذي يراعي مصلحة سوريا وشعبها بين القوى الفاعلة في الساحة السورية، متجاوزين التحديات صغيرها وكبيرها، باتجاه بناء سوريا الحديثة على أيدي السوريين، وبمعاونة ودعم محبي سوريا من أشقاء وأصدقاء.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد