: آخر تحديث

كلام في التعاونيات والتحقيقات وسحب الجنسيات

1
1
1

«انتظرناهم من الشرق فجاؤوا من الغرب»! مقولة شهيرة لسياسي عربي راحل، تذكرتها وأنا أقرأ خبر إلقاء الأمن الجنائي في «الداخلية» القبض على أفراد شبكة فساد، تورّط فيها 5 من أعضاء اتحاد الجمعيات التعاونية، ومجلس إدارة جمعية تعاونية، إضافة إلى عاملين في شركات تجارية، و14 من الوسطاء والموظفين.

جاء الهجوم عليهم من الغرب، أي «الداخلية»، وكنا، كالعادة، نتوقعه من الشرق، أي من «الشؤون»، التي كانت، ولأكثر من نصف قرن، تحقق في أغلبية قضايا فساد الجمعيات، التي كانت غالباً ما تنتهي بالحفظ، أو إنذار المتورطين، أو فصلهم من المجلس، ليعودوا أو يعود من يمثلهم، من خلال الانتخابات، إلى المكان نفسه ليمارسوا فسادهم، وربما هذا ما دفع رجال فهد اليوسف إلى التدخّل وأخذ زمام المبادرة، والبدء بتطهير الجسم التعاوني الملطخ بطريقتهم، وسبق أن عانيت شخصياً من فساده لأكثر من 35 عاماً، كتبت خلالها عشرات المقالات عن حيلهم وابتزازهم وخراب ذمم بعض أعضاء مجالس إداراتهم، وخسرت الكثير لأنني لم أقبل يوماً دفع رشوة، وعشرات من موظفي الشركة، التي كنت أديرها، شهود على صحة ذلك. فشكراً لجهود النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف.

من جانبها، كشفت وزيرة الشؤون، الأستاذة أمثال الحويلة، أنها قامت بحل وعزل مجالس إدارات 15 جمعية تعاونية (!!)، وهذا يؤكد صحة كل ما كتبناه عن سوء أوضاعها، التي تسببت في خسارة مؤسسات «الموردين المخلصين» للكثير من الضرر غير المبرر.

في جانب آخر، صدر عن محكمة التمييز حكم نهائي بحبس مدير مالي لإحدة الجمعيات، وتغريمه مليون دينار، لاستيلائه على رواتب وعقود بأكثر من 500 ألف دينار، واستثمارها في أنشطة أخرى!

الغريب والمثير للاهتمام في هذا الحكم أنه فاجأ الكثيرين، داخل الجمعية وخارجها، فلا أحد تقريباً سبق أن سمع بمراحل سير هذه القضية، بمختلف درجاتها، بالرغم من خطورتها وتعلّق مصلحة عشرات الآلاف من أعضاء الجمعية بها، فما هي الجهة التي كانت وراء التستر عليها طوال السنوات الماضية؟

الخيط الذي يربط موضوع فساد الجمعيات التعاونية، و«غمات» أو التستر على قضية اختلاس أموال تلك الجمعية ، يعود إلى ما كنا نعرفه من أن الجهتين كانتا، لعقود طويلة، محسوبتين أو مواليتين لحزب سياسي ديني معروف، طالما تباكى أعضاؤه على تدهور الأخلاق في المجتمع، وربما نجحوا، بما لهم من نفوذ، في تأخير القضية، وهذا ما نطالب المعنيين بالنظر فيه. فكيف يصدر حكم على مختلس بالسجن لعشر سنوات، وغرامة تبلغ مليون دينار، ما يدل على خطورة القضية، ومع هذا لا يسمع بها أحد تقريباً إلا بعد حكم التمييز، وعشرات القضايا الأخرى، التي لا تعني الكثير، تملأ أخبارها فضاء وسائل التواصل؟

* * *

نيابة عن عشرات الآلاف، الذين تم سحب جنسياتهم، وما أعلن تالياً عن تشكيل لجنة تظلّم للنظر في أوضاعهم، وإنصاف المظلومين منهم، فإننا نرجو من النائب الأول لرئيس الوزراء، وزير الداخلية الشهم، البت في موضوع عمل لجنة التظلّم، فالكثير ممّن سحبت جنسياتهم مترددون في السعي لاستعادة جنسياتهم السابقة، لما يتطلبه الأمر من بذل الكثير من الجهد والمال والوقت، وهم لا يريدون القيام بكل هذا، إن كانت الجنسية المسحوبة ستعاد لهم. وبالتالي يريدون «كلمة أخيرة» من الحكومة، ليعرفوا حقيقة أوضاعهم، إما انتظار الفرج، أو الإسراع، دون تردد بتدبير أمورهم، لأن المراجعة ستستغرق سنوات طويلة!


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد