: آخر تحديث

جائزة الملك فيصل.. تكريم المُنجِز وتثمين الإنجاز!

3
2
1

محمد بن عيسى الكنعان

مضى على جائزة الملك فيصل - الممنوحة من قبل مؤسسة الملك فيصل الخيرية - قرابة 46 عامًا، فقد انطلقت أولى دوراتها عام 1399هـ (1979م)، وإلى الوقت الراهن نالها 295 فائزًا، من 45 دولة، في خمسة فروع: (خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، واللغة العربية والأدب، والطب، والعلوم). خمس عقود من المسيرة الحضارية للجائزة، نجحت خلالها في أداء رسالتها النبيلة عالميًا لإثراء الفكر الإنساني، وحث النفوس الواعية ذات الهمم العالية، وإثارة العقول الاستثنائية ذات المطامح الشريفة على المساهمة الفاعلة في تقدم البشرية وبناء الحضارة الإنسانية، وتأكيد دور العرب والمسلمين في هذا البناء، كل ذلك من خلال أعمالهم العظيمة، وعطاءاتهم الإبداعية عبر الفروع الخمسة للجائزة.

قيمة جائزة الملك فيصل أنها نقية فلم تلوثها السياسة، وإنسانية، فلم تولد من التكفير عن أية خطيئة، وعالمية فلم تستبعد عرقًا أو دينًا أو بلدًا، ما يعكس رقيها الإنساني وبُعدها الحضاري الذي يتجاوز محددات الجغرافيا وهواجس التاريخ، وهذا يتضح بجلاء في قوائم الفائزين بالجائزة. همّها خير البشرية وتقدمها؛ لهذا تبدو عظمة الجائزة في ارتباطها بشخصية سعودية عظيمة، الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، الذي يُعد أحد أبرز القامات العربية المرموقة، وإحدى الشخصيات العالمية المعتبرة، فصدقت فيه مقولة: «الملك الذي ولد ملكًا». فالجائزة تأتي متسقةً مع الأهداف الإنسانية لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، ومؤكدةً للقيم الإسلامية الأصيلة التي عبّر عنها الفيصل بأقواله وأفعاله، وملتزمةً بالمبادئ السامية التي تعامل بها جلالته خلال حياته رحمه الله.

جائزة الملك فيصل ليست مجرد جائزة عالمية، إنما هي حالة فريدة ومستوى عالٍ من التقدير الوفير، بتكريم المنُجِز وتثمين الإنجاز، تكريم المنُجِز سواءً كان عالمًا، أو باحثًا، أو طبيبًا، أو مخترعًا، وتثمين إنجازه الذي حققه في مجاله، بما يعكس قيمته، وأثره لدى الناس ودوره في تحسين حياتهم، لهذا فالتثمين هنا لا يعني فقط القيمة المادية، أو الناحية المعنوية، أو حتى التغطية الإعلامية، إنما في إبرازه عالميًا وتقديره بما يستحق على رؤوس الأشهاد، والتأكيد أن الحضارة بكل عطاءات العلماء والأطباء والباحثين والمخترعين وإبداعاتهم هي مشترك إنساني وتراكم أممي، خاصةً في فرعي الطب والعلوم. أما خدمة الإسلام والدراسات الإسلامية، فالجائزة هنا تأتي منسجمةً مع المكانة الدينية العظيمة للمملكة العربية السعودية، التي هي قلب العالم الإسلامي، ومركز الوطن العربي وهي بلد الجائزة، وتشجيعًا للعرب والمسلمين أو لغيرهم من المنصفين وشرفاء العالم على خدمة هذا الدين العظيم. وكما أن العرب هم مادة الإسلام وفيهم ظهر النبي الخاتم عليه الصلاة السلام، فللغة العربية والأدب مسار رئيس في كيان الجائزة.

أخيرًا وليس لهذا العطاء الكبير آخر بإذن الله؛ تشرفت بحضور حفل توزيع جائزة الملك فيصل لهذا العام 1446هـ (2025م)، الذي جاء تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وقد رعاه إنابةً عن المقام الكريم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، الذي سلّم الجوائز المرموقة للفائزين وفق كل فرع؛ حيث نال جائزة الملك فيصل في خدمة الإسلام (مصحف تبيان) من جمعية لأجلهم، وهو أول تطبيق عالمي يترجم معاني القرآن بلغة الإشارة، والأستاذ سامي بن عبدالله المغلوث لتوثيقه التاريخ الإسلامي عبر أكثر من 40 أطلسًا ترجمت عالميًا، ونال الجائزة في الدراسات الإسلامية عن آثار الجزيرة العربية كل من الأستاذ الدكتور سعد الراشد؛ لإسهاماته في دراسة النقوش الإسلامية والتراث الأثري، والأستاذ الدكتور سعيد السعيد؛ لأعماله المقارنة في دراسة النقوش والكتابات القديمة، وجميعهم من المملكة العربية السعودية. ونال الجائزة في الطب عن العلاج الخلوي الأستاذ الدكتور ميشيل سادلين من كندا؛ لتطويره علاجات CAR-T لعلاج السرطان والأمراض المناعية. ونال الجائزة في العلوم بمجال الفيزياء الأستاذ الدكتور سوميو إيجيما من اليابان؛ لاكتشافه أنابيب الكربون النانوية باستخدام المجهر الإلكتروني. أما الجائزة في اللغة العربية والأدب فقد حُجبت.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد