سارة النومس
يسعد الشخص بعمل حفل يوم ميلاده وكأنه إنجاز عظيم لا بد من تخليده.
قطعت علاقات «نسائية» لأنني لم أذكرهن بهدية أو أحضر يوم ميلادهن، يوماً بعد يوم نكتشف فظاعة الأمر، نحن نحتفل بتقدمنا بالسن وهل هو أمر جميل أن يحتفل الإنسان بكثرة تجاعيده؟ وضعف أسنانه وبدأ زيارة الطبيب كل فترة للتأكد من سلامته والتذمر من أمراض لم تكن ظاهرة في السابق، كل شيء في كفة والنسيان في كفة أخرى.
تحدّثت مع صديقات عن مشاكل الهرمونات النسائية وغيرها...، وكنا نتباحث عن الأسباب ربما من الأكل أو الوزن ربما وربما وربما، لم يكن كبريائنا يسمح لنا بالاعتراف أن العمر يلعب دوراً مهماً في تلك التغيرات، أبينا أن نضع الأسباب لعوامل طبيعية، بل اننا وضعنا اللوم على «كورونا»، لكننا لن نعترف بواقع أننا نكبر في السن والتغيرات تلعب دوراً مهماً في التغيرات الهرمونية للمرأة.
أرجو المعذرة، لا أقصد التذمر واليأس ولا أقصد أن نقوم فوراً بالجري في ساحل شارع الخليج العربي والصراخ بأعلى صوت أننا سعداء ونعيش بصحة جيدة، من الجميل الاهتمام بالصحة الجسمانية والغذاء، والنفسية بشكل كبير فجميعها عوامل تساهم في تسارع الشيخوخة إن أهملها الإنسان.
لكن لماذا نقسو ونعذب أنفسنا بمشاهدة مقاطع منشورة في التواصل الاجتماعي أو المقابلات لفنانات طاعنات في السن وصرفن كل ما يملكن في عمليات التجميل ليبدين أصغر سناً؟ لا بأس فلتقم بذلك بالشكل المعقول ودون لفت انتباه كارتداء ملابس فتيات صغيرات وتعمد التصابي بالحركات المبالغ بها والمقززة في الوقت ذاته، أغلبهن ينتظرن العناوين العريضة التي تذكر أعمارهن مقارنة بشكلهن الطفولي وكأنه من عجائب الدنيا السبع، لنصدق القول إن تلك العناوين حقاً تلفت الانتباه والأنظار، بل بعضهن بالغن بوضع الفلاتر حتى وتنشر صور لها تبدو كالعشرينية، ويضج التواصل الاجتماعي بالبحث عن السر وينتظر العالم صور أخرى لها دون جدوى، لماذا تصل بعض النساء لهذه المرحلة من الهوس؟
أليست الحياة أجمل عندما تقدر المرأة سنها وعقلها وتبدأ بمرحلة جديدة في حياتها كتأليف كتاب ووضع خبرات حياتها وربما يكون لها هدف سامٍ ونبيل في الوقت نفسه؟ ماذا عن تلك الجدة التي تفتخر بأحفادها وتساهم بشكل مباشر في تربيتهم؟ أو تصبح طباخة (شيف) تساهم في إثراء الثقافة الغذائية؟ جميل مظهر السيدات الكبيرات اللواتي أصبح السفر حول العالم نشاطهن، والفنانات يقمن برسم لوحات كثيرة، وتمضي بعض النساء بحثاً بين الكتب والسفر عبر السطور والفقرات العلمية والأدبية.
هناك فلم فكاهي قديم اسمه The Death Becomes Her أو كما يقال مجازياً «الموت لاق بها»، أصبحت أرى كل امرأة كبيرة جداً بالسن متصابية ومهووسة بالجمال المبالغ الصغير تماماً كبطلتي الفيلم.