عثمان بن حمد أباالخيل
مؤلم ومؤلم جداً أنْ يشعر الإنسان بالنقص أمام نفسه وأمام الآخرين، لماذا هذا الشعور المحبط؟ إنه الشعور بعدم الثقة بالنفس والتأقلم مع القدرات الذاتية.
الشعور بالنقص له أشكاله وألوانه ودواعيه إنه شعور بالدونية والعجز، وأنه أقل قيمة وقدراً لأسباب اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو صحية. هل نحن من أوجدنا أنفسنا أم أنه القدر؟. هذا الداء يؤدي للاستسلام لأحاسيس الفشل وعدم القدرة على اتخاذ أي قرار خوفاً من تحمل المسؤولية والشعور بالدونية.
الإنسان الذي يشعر بالدونية تراه دائماً يردد، يقولون، «لا أستطيع»، «لا أعرف»، «أنا غير متأكد» «ربما». إنّ الشعور بالنقص حتماً يؤدي إلى عدم قبول النفس وسيطرة الحقد على الآخرين والانطواء والعزلة، هناك الكثير من الذين يشعرون بالنقص يتعاملون مع الآخرين بكل حذر وتردد خوفاً من السقوط أكثر وأكثر في داء الشعور بالنقص، يسمعون ما ينكّد عليهم، ويجرح مشاعرهم، ويحبطهم، ويفقدهم التمتع بالحياة فهم يشعرون أنهم يعيشون على هامش الحياة. ومما يزيد هذا الداء ألماً المقارنة بالآخرين، فلكل إنسان قدرات يختلف بها عن الآخرين ويعيش في عالم مختلف، كذلك عدم نسيان إخفاقات الماضي ومن مِنا ليس لديه عدد من الإخفاقات، والأسوأ حين يشعر الإنسان بظلم المجتمع بالطبقية المقيتة والعنصرية القاتلة، والمميزات التي تمنح للآخرين لأسباب غير واقعية وأسباب اجتماعية. أجزم أن ترمومتر قياس مدي الشعور بالنقص سوف يصل حده الأعلى عند الكثير.
قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً). الله سبحانه وتعالى كرّم الإنسان ووهبه العقل الذي يفكر به فالناس سواسية، لا يمكن للإنسان أن يترك الآثار السلبية تؤثر في تفاصيل حياته. ومن أصيب بشعور النقص عليه أن يتذكر أنّ قوه الإرادة هي الحل للتخلص من داء الشعور بالنقص. «أنا فاشل» كلمة لا يجب أن يقولها الإنسان، ليس هناك فاشل هناك إنسان لا يثق بنفسه وهذا بيت القصيد.
المحبطون دائماً يرددون «أنا غبي» أو «أنا فاشل» أو «أنا ضعيف». فلماذا يحطمون أنفسهم؟. للأسف هناك من يدفع الآخرين للشعور بالنقص حين يضحك على المعاق أو الإنسان الذي يتأتئ أو عدم القدرة على النطق وغيرها من العاهات، لماذا نسخر من الإنسان الذي لم يُوجد ما أصابه.
أبداً، لا يجب أن يوحي إنسان إلى إنسان آخر بالنقص مهما يكن هذا الإنسان، الحياة تتغير والظروف تتغير والأحوال تتغير. مرة أخرى هناك آباء وأمهات يشعرون أطفالهم بالنقص وأنهم ليسوا كالآخرين وأنهم أقل منهم، لماذا يزرعون الشعور بالنقص؟ ألا يعلمون أنهم يأخذون أطفالهم إلى عالم مجهول فكيف يعلمون ذلك وهم يفعلون ذلك. لماذا لا يعلمونهم الثقة بالنفس؟
«ربما لم يعلق الآخرون آمالاً عريضة علي.. ولكني كنت أعلق آمالاً عريضة على نفسي». شارلي شابلن. الثقة بالنفس والشعور بالنقص ضدان لا يمكن أن يلتقيا في إنسان واحد، وهناك مفاتيح للثقة بالنفس وهي مكتسبة من الحياة ومن تفاصيل التعامل مع الآخرين ولا تولد مع الإنسان. وكم من إنسان فقد ما يحب بسبب عدم الثقة بالنفس والتردد في اتخاذ القرار وهذا أسوأ ما يفعله الإنسان.
ديننا الإسلامي الحنيف يدعو إلى الثقة بالنفس والرضا عن الذات، فهذه مشاعر لا تتعارض مع الدين، حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا! وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلاَ تَظْلِمُوا)، رواه الترمذي.