: آخر تحديث

إسرائيل والانحراف عن مسار السلام

3
2
2

هاجمت إسرائيل مقر الأركان العامة السورية في العاصمة دمشق في سابقة خطيرة وتدخل مباشر وغير مشروع في الشأن السوري، واستهدفت عددًا من المواقع العسكرية السورية مدعيةً حماية الدروز، بالرغم من وجود اتصالات وتفاهمات سورية وإسرائيلية للعمل على تسوية واضحة تمهيدًا لمعاهدة سلام بينهما.

هذه الحادثة تؤكد أنَّ الكيان الصهيوني لا يهتم بالسلام، ويرى أنَّ مبدأ القوة والقوة المفرطة هما ما يضمنان له تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية.

إنَّ هذا التعامل الإسرائيلي يُعد إفلاسًا سياسيًا حقيقيًا ومدعاة لتحول وتبدل مواقف كافة الدول العربية حول السلام مع إسرائيل، في مقدمتها الدول ذات العلاقات القائمة والدول التي تحاول حل القضية الفلسطينية عبر مسار السلام الذي ابتدأ في عام 1991.

وهذا الأمر يُدخل الصراع العربي – الإسرائيلي إلى حافة المواجهة الجزئية أو الشاملة، ويُعرّض أمن الشرق الأوسط إلى مزيد من التوتر، وربما الوصول إلى حرب مدمرة لا تُحمد عقباها، تدعو إلى تدخل قوى إقليمية وخارجية، مما يؤثر على السلام العالمي، ويقود العالم إلى اضطراب سياسي واقتصادي خطيرين.

وسوريا ليست في مواجهة إسرائيل لوحدها، وإسرائيل لن تخوض حربًا مع العرب بدون مساعدة مباشرة وغير مباشرة من أميركا والحلفاء الغربيين، وهذا يُعرّض العلاقات التاريخية بين العرب وأميركا إلى الاهتزاز، وكلا الطرفين لديهما مصالح مشتركة، فهل ستُضحّي أميركا بمصالحها مقابل التدخل لضمان أمن وسلامة إسرائيل والتدمير الشامل لمشروع السلام المترنّح بعد أحداث غزة وجنوب لبنان والاستهدافات الإسرائيلية لسوريا؟

إنَّ استعداء إسرائيل لكامل المحيط العربي يضعها في موقف صعب، مما يدفعها للحاجة إلى مزيد من ممارسة العنف، والمزيد من التسليح، والمزيد من الدماء. ولكن هل تقبل أميركا هذا الأمر الذي سيؤثر على مواقفها السياسية، ومواقف الأصدقاء العرب كذلك، ومصالحها المباشرة وغير المباشرة، ومدعاة لمزيد من التباين والقطيعة الاقتصادية والاستثمارية الأميركية – العربية، مما يهدد أسعار النفط وإنتاجه وتصديره وخطوط مواصلاته البحرية للخطر؟

والنفط سلعة قياسية تتأثر وتؤثر سريعًا على الاقتصاد العالمي، والاقتصاد الأميركي بالذات، فهل ترى أميركا أنَّ من الحكمة دعم إسرائيل في انتهاجها لمسارٍ منحرف عن مسار السلام، جالبًا الدمار والخراب للشرق الأوسط، المصدر الأول للنفط في العالم؟ أم تُجبر أميركا مصالحها على إجبار إسرائيل على عدم التعرّض لسوريا والتدخل في شؤونها الداخلية، لبناء الدولة السورية الحديثة، ومواصلة مفاوضات السلام الجاد، والجاد فقط، مع العرب، وحل القضية الفلسطينية، والسلام مع دول الجوار؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.