: آخر تحديث

هذا الحرف إن صنتوه صانكم

5
5
4

حمد بن عبدالله القاضي

** للكلمة الصادقة مفعول السحر أثراً، وامتداد الفضاء انتشاراً، وألوان قوس قزح جمالاً.

ومبدع الكلمة عندما يكون مجيداً وصادقاً سواء أكان شاعراً أو ناثراً فإنه يجتذب النفوس إلى عطائه وكلماته.

* * *

وفي تاريخ الأدب العربي نقرأ كيف كان أقرب الجلساء والندماء للخلفاء والولاة هم الشعراء والكتاب لأنهم يجدون في مجالستهم متعة الحديث، وصدق التجربة، وجميل المحاورة.

وقد كان الخليفة عبدالملك بن مروان يقول: (جربت متع الدنيا فوجدت أمتعها محادثة الرجال ذوي العقول).

وقد صدق..!

* * *

ولقد قرأت حكاية جميلة عن الشاعر الكبير عمر أبو ريشة -رحمه الله- الذي أخذ بمجامع رئيس أكبر دولة (الولايات المتحدة الأمريكية) جون كنيدي وذلك عندما قدم إليه أوراقه كسفير لبلاده هناك وكان الوقت المحدد للقاء ربع ساعة.. ولكن اللقاء استمر ساعة كاملة بناء على رغبة الرئيس الأمريكي، إذ رغم وقته المحسوب فإنه أعطى لـ(عمر أبو ريشة) باعتباره شاعراً لا سفيراً هذا الوقت عندما علم أنه شاعر وطلب منه عندها أن يسمعه بعض قصائده، وفعلاً بدأ يلقي مختارات من قصائده، والمترجم يترجمها، وكان الرئيس الأمريكي يستزيده كلما أنهى إلقاء قصيدة حيث جلس إليه وقتا إضافيا بينما العادة أن تقديم أوراق السفير لا يتجاوز دقائق معدودة.. لكن الرئيس جون كنيدي أعطى لعمر أبو ريشة هذا الوقت بصفته الشاعرية لا الدبلوماسية.

* * *

بقي -أخيراً-

أن يدرك أصحاب الكلمة عظمة الكلمة ورسالتها، وأن يدركوا - بعد ذلك قيمتهم ومكانتهم حتى يبقى لحرفهم أثره، ولكلمتهم سحرها ولحوارهم متعته وصداه.

فإن صانوا هذا الحرف صانهم.

وإن هم أهانوه أهانهم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد