حمود أبو طالب
كعادتها منذ انطلاق رؤية 2030 تتصدر المملكة أخبار العالم، دائماً في قلب الحدث، وفي صدارة اهتمام الأوساط الاقتصادية والسياسية والإعلامية العالمية. هذا الأسبوع تصدر العناوين العالمية مشروع «النووي السعودي» خلال زيارة وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت للمملكة، وتصريحه عن اقتراب تحقيق شراكة طاقة تاريخية بين المملكة وأمريكا، تُمهّد الطريق لتطوير الطاقة النووية التجارية في المملكة.
الحديث عن مشروع استثمار مخزون المملكة من اليورانيوم لإنتاج الطاقة النووية للأغراض التجارية ليس جديداً، فقد تحدث عنه ولي العهد منذ فترة طويلة، وكذلك وزير الطاقة وعدد من المسؤولين ذوي العلاقة بالموضوع. كلهم أكدوا أن المملكة قادرة على إنتاج هذه الطاقة وتصديرها للعالم، وليس تصدير مادتها الخام كي ينتجها الآخرون، وبالنسبة لملف شراكة الطاقة الضخم مع أمريكا فإنه يأتي تلبية لرغبة الطرفين في تحقيق المصالح المشتركة دون عن ربطه بالملفات السياسية، كما يعتقد البعض أنه شرط إلزامي. المملكة أهم شريك إستراتيجي لأمريكا في المنطقة، ومن أهم شركائها في العالم، وأمريكا تعرف جيداً أهمية المملكة وإمكاناتها وقدراتها الاقتصادية، وأيضاً نضجها السياسي الذي يجعلها شريكاً موثوقاً في ملفات بالغة الأهمية والحساسية مثل الطاقة النووية.
وعندما تهتم المملكة بهذا الموضوع فإنها فعلاً تريد استخدامه لصالحها ولصالح العالم في الأغراض النافعة، وليس لأغراض ضارة مثل ما تفعل بعض الدول النزقة، وحتى لو طورت المملكة سلاحاً نووياً في المستقبل لضرورة قد تحتم عليها ذلك فإنه من حقها إذا امتلكه غيرها في منطقتنا، وقد أشار إلى ذلك سمو ولي العهد في وقت سابق خلال أحد حواراته. ولكن في كل الأحوال هناك فرق بين الدول الراشدة والدول المتهورة، والمملكة منذ تأسيسها تتصف سياساتها بالاتزان والحكمة والعقل والنضج.
المملكة أصبحت لاعباً رئيسياً في ساحة الاقتصاد العالمي بكل أشكاله، والطاقة بشكل خاص. وهي قد قررت الخروج من شرنقة النفط وتوظيف كل مواردها الطبيعية الثرية لخدمة اقتصادها في مشروعها التنموي التأريخي.