: آخر تحديث

تنمية الفكر والقيم لدى الأطفال والناشئة

2
2
2

إن العناية بالأطفال والناشئة من أهم المطالب التي تحتاج إليها المجتمعات وهي تشق طريقها في مسيرة بناء الإنسان والاستثمار فيه، حيث تعد هذه الفئة الذخيرة البشرية التي يرتكز عليها تطور المجتمع، وتتوقف عليها استدامة ازدهاره،.

ولذلك تتأكد أهمية غرس الفكر السليم والقيم الإيجابية القويمة فيها، لينشأ الأطفال والناشئة عليها منذ نعومة أظفارهم، وتتشكل لديهم شخصيات واعية متزنة طموحة، سليمة فكرياً ونفسياً، تمتلك الأسس المتينة للتفكير السليم والإبداعي، والمبادئ الصحيحة لتلقي المعلومات والاستفادة من تدفقها في عصر التقنيات الحديثة، والبناء الأمثل للذات.

فيمتلكون حسن إدارة لمشاعرهم ومواقفهم وكلماتهم، وذكاءً مميزاً في تعاملهم مع محيطهم، ويمتلكون حس المسؤولية والجد والاجتهاد في بناء أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ووطنهم.

ولتحقيق هذا المقصد السامي لا بد من تعاون جميع الأطراف المعنية بذلك، ابتداء من الأسرة ومروراً بالمدرسة والإعلام والمؤسسات التعليمية والثقافية والدينية والمثقفين والأدباء وصناع المحتوى وغيرهم، وذلك في إطار رؤية وطنية مشتركة، تصب في ترسيخ الفكر الوطني الوسطي المنير، والقيم الإيجابية الراقية، التي تعزز المواطنة الصالحة، وترفع راية الخير والفضيلة، وتنشر المحبة والتآلف والتلاحم في المجتمع.

وأول المعنيين بذلك هي الأسرة، التي هي نواة المجتمع، فدورها محوري وجوهري، فهي الحاضنة الكبرى والمدرسة الأولى التي يتعلم فيها النشء ويكتسبون الفكر والقيم، ويتشكل فيها وعيهم وتتكون رؤيتهم للحياة وسلوكياتهم التي يعاملون الآخرين وفقها.

ومن أهم العوامل المؤثرة في الطفل بالبيت ما يلاحظه فيه من التصرفات والمواقف التي تصدر من والده أو والدته، سواء كانت إيجابية أم سلبية، وسواء كانت مواقف عرضية غير متكررة أم مواقف وسلوكيات متكررة يلاحظها الطفل بشكل متكرر وتندرج في نطاق القدوة.

فتبقى في ذاكرته، وتلقي بظلالها على نفسيته وطريقة تفكيره وتعامله، فهي أبلغ أثراً من المواعظ والنصائح، ما يحتم على الوالدين الإدارة المثلى لتصرفاتهما أمام الأبناء، وأن يحرصا على أفضل ما يمكن، ليُكسبا أبناءهما أرقى فكر وأسمى قيم، ومتى كان الوالدان متحليين بهذه الخصال انعكس ذلك على الأبناء، إضافة إلى التوجيه الحاني، والمتابعة المستمرة، وتوفير أجواء المحبة والتآلف التي تساعد الأطفال على النمو العاطفي والعقلي السليم.

كما يأتي هنا دور المعلمين في توجيه الناشئة وتربيتهم من خلال ممارستهم الراقية لمهنة التعليم، التي هي من أشرف المهن، لما لها من تأثير كبير في بناء الفكر السليم وتعزيز القيم الإيجابية في نفوس الطلاب والطالبات.

كما يأتي دور الإعلاميين في برامجهم والأدباء والمثقفين في تدويناتهم ومؤلفاتهم، وبالأخص تلك الموجهة لفئة الأطفال والناشئة، والتي تحتاج إلى إعداد متقن، ورفد هذه الأعمال المنشورة رقمياً أو ورقياً بالقيم الناصعة التي ينهل منها الأطفال والناشئة، والتي تنمي لديهم القيم الوطنية، وحب العلم المعرفة والتفكير النقدي والإبداعي.

وإذا كنا نتحدث عن عصر التكنولوجيا والانفتاح الرقمي فلا بد من الإشارة إلى أهمية تحرير المحتويات الهادفة للأطفال والناشئة، بحيث تكون آمنة فكرياً، سامية قيمياً، ومن هنا تقع على عاتق صناع المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي مسؤولية كبيرة في تقديم محتوى تربوي قيّم، يعزز المفاهيم الصحيحة ويبتعد عن العنف والتطرف والأفكار الهدامة.

ومن الضروري كذلك توعية الأبناء بالاستخدام الرشيد للإنترنت، وتعليمهم كيفية انتقاء المحتوى المفيد والمناسب لهم، مع تجنب المحتويات السلبية أو الضارة التي قد تؤثر في أفكارهم وقيمهم.

ومع بروز تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي «GenAI» تزداد الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الاستفادة منها في تنمية قدرات الأطفال الفكرية والمعرفية وبين الحد من آثارها السلبية المحتملة، مثل الاعتماد المفرط عليها أو تلقي المعلومات منها من دون أي تثبت.

إن شهر رمضان المبارك فرصة عظيمة لتهذيب النفوس والارتقاء بها، فحري بالآباء والأمهات أن يستثمروه في تعزيز القيم الإيجابية لدى الأبناء، وتشجيعهم على الصيام والصلاة والصدقات وتلاوة القرآن.

فالصيام يعلمهم الصبر والتحمل، والصلاة تعزز لديهم الانضباط والصلة بالله تعالى، والصدقة تنمي في نفوسهم العطاء والانتماء لمجتمعهم، كما يمكن للأسرة أن تستثمر هذا الشهر في تعزيز الروابط الأسرية والتعاون على ما يجعلهم إلى الله تعالى أقرب ولمجتمعهم ووطنهم أنفع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد