: آخر تحديث

إدارة التقدم

3
3
2

سهوب بغدادي

فيما يطمح الأفراد والمؤسسات إلى إحراز التقدم والتطور والتحسين في شتى المجالات المهنية والاجتماعية والشخصية وما إلى ذلك، حيث يعني التقدم اصطلاحًا «الحركة التي تسير نحو الأهداف المنشودة والمقبولة، أو الأهداف الموضوعية، التي تنشد ما هو خير، أو تنتهي إلى تحقق النفع، وينطوي التقدم على مراحل، تكون كلّ منها أكثر ازدهاراً أو أرقى من المرحلة السابقة عليها»، إننا نطمح ونطمع في تحقيق المزيد وتحصيل الأكثر من كل شيء وفي كل مجال نافع، وهذا أمرٌ بديهي، إلا أنّ البعض ما يلبث أن يضع أولى خطواته في مكان أو مرحلة ما ليندفع بكل ما أوتي به من قوة بغية إثبات نفسه وتثبيت موقفه وحضوره، فليس هذا النهج بالناجع على كل حال ووجه، لنأخذ على سبيل المثال المعروف، كالطالب الذي يشارك في الدرس ويجيب على جميع الأسئلة ويحصل على أعلى العلامات، بالتأكيد سيبهر المعلم والطلاب على حد سواء، إلا أنه إذا خالف طبيعته الخارقة في أي يوم من الأيام سيجد علامات التعجب والاستغراب منه، وإذا كرر الفعل مجددًا قد يجد العتاب أو الملامة في حال تحول بالكامل إلى مستوى أقل بقليل مما قدمه، فذلك الطالب مطالب بالمزيد والمزيد، وذلك الموظف الذي يحمل أعباء العمل ويتكلف بمهام زملائه لن يجد التقدير على ما يفعل لو توقف لفترة وجيزة عما كان يفعل، والأمثلة كثيرة ومثيرة للغيظ، إنها ليست دعوة للتملص من المهام والمسؤوليات، أو التكاسل، بل إنه موضع للتفكر وتقنين الجهود وإدارتها بشكل متوازن، فإن الاتزان في العطاء مطلوب خاصةً إن كان من وقتك وجهدك البدني والنفسي، كالذي تعود أن يستمع إلى شكاوى الغير فيمتلئ وعاؤه بالسلبيات وقد لا يجد من يستمع إليه في مرحلة ما، فلا تفرغ كل ما عندك مرةً واحدة ولا تبقي شيئًا لوقت لاحق، فيخفت بريقك ويمحى وهجك من أول لقاء، كما أنّ إدارة التقدم في شتى مواطن حياتك أمر لازم لصحتك وسقف توقعات الغير المنوطة بتقدمك ذاته، حتى لا تقع فريسة للضغوطات ورهينة للظنون والملامة.

«من الأفضل أن تمشي ببطء إلى الأمام على أن تمشي مسرعًا إلى الخلف» - ابراهام لينكون.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد