: آخر تحديث

الرياض عاصمة الشراكات الدولية

2
2
1

لم يكن يتصوّر الكثيرون أن تتحول الرياض إلى مدينة بهذا الحجم، وبهذا الحضور السكاني، والتنوع الحضري والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، هذا التحوّل لم يكن ليحدث لولا إرادة راسخة ومتابعة دقيقة من القيادة الرشيدة، جعلت من العاصمة مركز جذب عالميا يعكس تنوع المملكة وتطلعاتها المستقبلية.

وغير مستغرب، وقد حظيت الرياض برعاية واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- منذ أن كان أميرًا لها، واستمرت هذه الرعاية حتى يومنا هذا، وامتدادًا لهذا النهج، يؤكد ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في العديد من المناسبات على المكانة المحورية للرياض، ودورها كعاصمة شاملة تعبّر عن مختلف الأطياف وتحوي كل المجالات.

الرياض لن تقف عند هذا الحد؛ فهي مُقبلة على تحولات نوعية ستُعزز مكانتها العالمية، من خلال استضافتها لمعارض وأحداث دولية كبرى، أبرزها إكسبو 2030 وبطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، بما يعكس ثقة المجتمع الدولي في قدرتها على تنظيم الفعاليات الكبرى وتقديم تجربة حضرية متقدمة تُلبي طموحات السكان والزوار على حد سواء.

وتتواكب هذه الاستحقاقات مع مشروعات تطوير شاملة، تنقل المدينة من طابعها الصحراوي إلى «رياض خضراء»، ومن الاعتماد على النقل الشخصي إلى منظومة نقل عام ذكية تشمل مترو الرياض والنقل الذكي، إلى جانب مطارين دوليين يُعدان الأكبر في المنطقة، وتخطيط حضري حديث يحافظ على الإرث التاريخي والثقافي العريق للمدينة، ويواكب متطلبات المستقبل.

وللشركات الدولية بين المُدن أهميتها، فلقد أسهمت الشراكة أو التوءمة على سبيل المثال؛ بين نيويورك ولندن في القطاعين المالي والتقني في تعزيز مكانتهما كمراكز مالية عالمية، وزيادة التدفقات الاستثمارية الدولية، كما يُظهر التكامل الصناعي والتقني بين برلين وباريس أهمية التعاون في مجالات الدفاع وصناعة السيارات الكهربائية. وفي آسيا، شكّلت الحديقة الصناعية المشتركة بين سنغافورة وشنغهاي، التي أُنشئت عام 1994، نموذجًا رائدًا في نقل النماذج الإدارية والتنموية، أما العلاقة بين بنغالور ووادي السيليكون، ورغم أنها لم تأخذ الطابع الرسمي، إلا أنها تعكس تكاملًا فعّالًا في مجالات الابتكار الرقمي، من خلال الشركات التقنية والكفاءات البشرية والمراكز البحثية. وتُظهر هذه الأمثلة كيف يمكن لشراكات المدن أن تكون قوة دافعة للنمو والتطور.

الرياض، العاصمة التي تمثّل مدينة في صورة مجموعة مدن، تملك من المقومات ما يؤهلها لتشكيل شراكات دولية وتوءمة مع مدن أخرى (sister city partnerships) في مجالات متعددة تشمل الثقافة والمجتمع والاقتصاد. فمن يزور الدرعية وحي الطريف والبجيري ذات الماضي المجيد، ثم ينتقل إلى المركز المالي ليشهد النهضة المعمارية والتنقل المتطور، يدرك غنى الرياض وتنوعها وقدرتها الفريدة على الجمع بين الأصالة والحداثة (heritage and modernity)، ما يفتح الباب أمام شراكات نوعية في مجالات التراث والحضارة والنقل والتقنية والرياضة والاستثمار والتجارة والتعليم الجامعي والبحوث والتطوير والابتكار، بل وحتى في مجالات أكثر تخصصًا مثل الأمن الحضري وإدارة الكوارث (Urban Security & Crisis Management) والتخطيط الحضري والبنية التحتية (Urban Planning & Infrastructure).

وفي المرحلة المقبلة، تبرز أهمية تحديد احتياجات المدينة، سواء الحالية أو المستقبلية، والعمل على استكشاف أوجه التكامل مع المدن الأخرى، إلى جانب تحديد المنافع المتبادلة (mutual benefits) التي يمكن تحقيقها من خلال الشراكة أو التوءمة. وينبغي أن تُؤطّر هذه الجهود في أُطر مؤسسية واضحة (formal institutional frameworks)، مُزمنة، وقابلة للقياس والتنفيذ والمتابعة المستمرة لضمان تحقيق الأثر الملموس والنتائج المرجوة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد