ما هو موقف المثقفين العرب من هذه البعكوكة المحبوكة؟ شرك نسج خيوطه الذكاء الاصطناعي، وستقع فيه الأوساط الثقافية، من كل مكوّنات الثقافة، لكن من غير اللائق ترك البحث عن الخلاص والمناص. الحلول الممكنة كثيرة وفيرة. اجتياح الآلة الذكية ميادين الآداب والفنون والإعلام، أمر لا تستطيع قوةٌ ردَّه وصدَّه، ومن العسير القطع بأن السلبيات أكثر من الإيجابيات، أم العكس؟ عندما تدخل موقعاً للذكاء الاصطناعي، تجدك كأنك في مطعم وأمامك قائمة الطعام، يقول لك نادل الخوارزميات: كيف أخدمك؟ هل تريد معلومات، أم أعدّ لك دراسة؟، أم أساعدك بإعادة التحرير أو التدقيق اللغوي والأسلوبي؟ هل تحتاج إلى أفكار في موضوع ما لعرضه أمام الجمهور؟ مطعم حاتمي، فلا دفع ببطاقة ائتمان ولا نقداً. قد تكون من أهل«القناعة كنز لا يفنى»، فتجيبه: سأكتفي بأشياء خفيفة، مجموعة قصصيّة أشارك بها في جائزة أدبية، ومقالات أسبوعية في الرياضة، الاقتصاد، التكنولوجيا، الديكور المنزلي، النظام الغذائي، الخيال العلمي السياحي، والسابعة في «الفن السابع». وأودّ لوحات أقيم بها معرضاً تشكيلياً. عفواً، نسيت أنني قرّرت تطوير الموسيقى العربية، بأعمال مستلهمة من الموشحات الأندلسية والموسيقى السيمفونية و«الجاز».يقيناً، لا أحد يجرؤ على النطق بحرف اتّهام بالسرقة أو خلسة المختلس، فكل ذلك، والكثير غيره، مباح متفق عليه، لكن هنا يكمن الكمين والفخّ الدفين. لك أن تتصوّر سوق الكتابة ومراتب البضائع، واختلاط المعادن الكريمة بما لا يشترى بشعيرة، بتعبير المعرّي: «هذي بِضاعُ الناس معروضةٌ.. فخالطوا العالم أو فارقوا». هل سيرى الناس محققين في مكوّنات الثقافة، يجلبون الكاتب: أنت تدّعي أنك كتبت نصّ هذا الكتاب، اكتب لنا الآن عشرة أسطر في الموضوع الفلاني. وأنت صاحب هذه اللوحات، ارسم لنا الآن أيّ شيء. ما الذي ستفعله أجهزة الإعلام في بلد ظهر فيه كالفُطر مليون كاتب عمود ومقال وتحقيق واستطلاع، فجأةً بسحر الخوارزميّات؟ قال القلم: الخواء رِزَم.قد يكون طرح هذه القضايا مشوباً بلمسات كاريكاتورية، ولكن المسائل في محورها جادّة، لأن على الأوساط المعنيّة أن تعكف على التفكير في المخارج والبدائل الثقافية. مثلاً: هل ثمّة آفاق جديدة يمكن أن يرتادها الإبداع في مكوّنات الثقافة من آداب وفنون، تكون لها مناعة مكتسبة، يستعصي على فيروسات الغش والتزوير والتلاعب بمنظومة القيم الثقافية اختراقها وانتهاك سلامتها؟لزوم ما يلزم: النتيجة البحثية: إذا كان التقدم لا يأتي خالياً من السلبيات، فإن الأمن الثقافي والإعلامي يحتاج إلى تقدّم في المضادات. للثقافة آفاتها، فبعد الثاء والقاف: آفة!
في خصوص فحوص النصوص
مواضيع ذات صلة