مع ختام فعاليات النسخة الثامنة من ملتقى الصحة العالمي يمكننا القول إن الملتقى لم يعد مجرد حدث، بل نقطة تحول في مسار الرعاية الصحية السعودية، حيث التقت الرؤية بالابتكار، وامتزجت التقنية بالإنسانية، لتؤسس لمرحلة جديدة عنوانها: الصحة ليست تكلفة، بل استثمارا في المستقبل.
وتحت شعار «استثمر في الصحة»، جسّد الملتقى روح رؤية السعودية 2030 في قطاع الصحة، حيث لم يعد الحديث عن التحول الرقمي والوقائي مجرد شعارات، بل مشاريع فعلية، واستثمارات ضخمة، وشراكات دولية.
ويمكن تلخيص أبرز محاور الملتقى في: استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر للأمراض المزمنة، وتحليل الجينوم السعودي لتطوير علاجات مخصصة، والروبوتات الجراحية وتقنيات الواقع المعزز في التدريب الطبي.
هذه التقنيات لم تُعرض فقط، بل تم توقيع اتفاقيات لتوطينها وتدريب الكوادر الوطنية عليها.
وخلال الكلمة التي ألقاها معالي وزير الصحة الأستاذ فهد بن عبدالرحمن الجلاجل، اتضح المدى المتسارع الذي تخطوه المملكة نحو تطوير منظومة الرعاية الصحية، وتعزيز الابتكار الطبي، حيث جرى توقيع اتفاقيات واستثمارات تتجاوز قيمتها 124 مليار ريال (33 مليار دولار)، تعكس نجاح التوجه لتوسيع الشراكات الدولية بمجالات الصحة الرقمية، والبحث، والابتكار.
كما أشار الوزير إلى عدد من النقاط الصحية التي تشير إلى تطور القطاع الصحي بالمملكة، ومنها أن الأمراض المزمنة تتسبب في نحو 74 % من الوفيات حول العالم، في حين نجحت السعودية في خفض وفيات هذه الأمراض بنسبة 40 %، متجاوزة بذلك مستهدف الأمم المتحدة في هذا المجال.
كما ارتفع متوسط العمر المتوقع في البلاد من 74 عاماً في عام 2016 إلى 79 عاماً في عام 2025، بفضل برنامج التحول الصحي، ومبادرات الوقاية، والكشف المبكر، فيما استفاد من برنامج الفحص الطبي قبل الزواج أكثر من 6 ملايين زوج وزوجة، مع ارتفاع نسبة الاستجابة للمشورة الوراثية من 15 إلى 85 %. كما فُحص نحو 3 ملايين مولود حديث ضمن برنامج الفحص المبكر لحديثي الولادة، لضمان بداية صحية، وآمنة للأطفال.
أيضاً 70 % من حالات السرطان في السعودية تُكتشف في مراحلها المبكرة، ما يعكس نجاح برامج الفحص الوقائي، وتطور التحول الرقمي في المنظومة الصحية. فيما شهدت الأبحاث السريرية نمواً بنسبة 51 % خلال عام واحد، ما يعزّز مكانة المملكة بوصفها مركزاً إقليمياً للأبحاث والابتكار الطبي في المنطقة.

