: آخر تحديث

التطبيع بلا مقابل

4
5
4

خالد بن حمد المالك

إسرائيل تريد تطبيعاً عربياً معها، دون ثمن، واعترافاً بها على حدود مجهولة، وتوافقاً مع توجهها بأن لا دولة فلسطينية، سواء الآن، أو في المستقبل القريب والبعيد، منكرة حقوق الفلسطينيين المشروعة، وأن على العالم عدم تفهمهم لمشكلتهم، رغم أن 159 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

* *

إسرائيل تردد بشكل متكرر، بأن التطبيع قادم، وأنه سوف يتوسع، وأن السابع من أكتوبر فتح الطريق، وسهل على المترددين الإقدام على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتمدة على ضغوط أمريكية، وعلى الانتكاسة في موازين القوى لصالحها بعد أحداث السابع من أكتوبر، مع أن سمعتها تمرغت بالتراب كدولة عنصرية، وغير ديمقراطية، وقاتلة للأطفال والنساء، وممارسة لحرب إبادة في غزة والضفة الغربية، بما لا يحتاج إلى دليل.

* *

إسرائيل ترى أن السلام مقابل السلام، وليس الأرض مقابل السلام، مع أنها لا تلتزم حتى بالسلام مقابل السلام، وتاريخها يفضحها بأنها دولة توسعية واستعمارية، وحدودها المغيبة أو المؤجلة تكشف حجم أطماعها، وهي لا تحتاج إلى حجج لنزع كل التهم والإدانات عنها، وتبرئتها مما أضاف سوءاً على سوء بفعل ممارستها العدائية، اعتماداً على أن هناك من الدول من يُحسّن صورتها، ومن يعمل على تنظيف ما شاب تاريخها من سوء الممارسات، والأفعال القبيحة.

* *

عجبي أن تنقاد دول عظمى إلى سياسة هذه الدولة الصغيرة، وأن ترتهن إليها وإلى أيدلوجياتها، وأن ترى فيها المثل، وأن تناصرها على عدوانها، وتحميها من المساءلة والعقاب والتجريم على ما لطخت أيدي قادتها القتلة من دماء الأبرياء، على مدى ثمانين عاماً خلت.

* *

الصورة واضحة، ولا تحتاج إلى من يكشف أبعاد السلوك الوقح للدولة الإرهابية، ولا عن رجالاتها القتلة، ففي فلسطين تاريخ لا يُهمل، وسنوات قهر لا تغيب، وجرائم لا عدّ لها مما ظهرت به صورة إسرائيل الحقيقية، حتى وإن تعامى العالم عنها، حتى وإن تجاهلها، أو مررها على أنها تصرفات خاطئة ضد مجهول، بينما هي متهمة ومدانة، ويعرفها القاصي والداني.

* *

من يريد أن يقرأ تاريخ هذه الدولة اليهودية العنصرية، -وهو تاريخ أسود بامتياز-، عليه إلقاء نظرة ولو سريعة على حجم الدمار في غزة، وعدد المستوطنات في الضفة الغربية والقدس، ويستعرض عدد من قتلوا في غزة أو أصيبوا في غضون عامين فقط، وإذا سمح وقته، واستحضر تاريخ قيام الدولة الصهيونية، منذ وعد بلفور وإلى اليوم، سيجد ما يشيب له شعر الرأس، فنحن أمام مجازر لم تتوقف، وأمام اختفاء حقوق الإنسان، وأمام صمت العالم، وهو ما لم يحدث مثيل له في التاريخ.

* *

ومع كل هذا، فإسرائيل ترفض الحوار والسلام، وتَسْخَر من قرارات أممية وجنائية بإدانتها، وتتصرف على نحو معارض لكل قرار، فهي تجوّع وتهدم وتقتل، وليس هناك من يعترض أو يحتج، وإن فعل فلا قيمة لردود فعله، ولا معنى لها لدى إسرائيل، وهكذا تسير القضية الفلسطينية، والدولة الفلسطينية، وحقوق الفلسطينيين، قال: من أمرك؟، قال: من منعني؟، وسوف أقتل وأهدم وأسجن، وأحتل أراضي ليست لي، ولا قيمة لمن يعترض أو يحتج أكان صادقاً أو منافقاً أو كذوباً يتوارى خلف تأييده لإسرائيل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد