بشهادة المؤسسات المحلية والدولية المتخصصة، يعيش الاقتصاد السعودي حالياً مرحلة استثنائية من النضج والتقدم، تبشر بمزيد من الازدهار الشامل في مساراته المختلفة، وما كان للاقتصاد الوطني أن يصل إلى هذه المرحلة من الثبات والاستدامة، لولا أنه تسلح طيلة السنوات التسع الماضية بخطط رؤية المملكة 2030 وبرامجها النوعية، مُحققاً تطلعات القيادة الرشيدة، بأن يكون للمملكة أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، كما يحقق للمواطن أمنياته باستمرار العيش في رفاهية وتقدم.
ولطالما عكست أنشطة صندوق الاستثمارات العامة ملامح تطور الاقتصاد الوطني، خاصة أن الصندوق يوجه بوصلة اهتمامه صوب تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، عبر استراتيجية عمل دقيقة، وخبرات متراكمة، تستهدف ضخ الاستثمارات في قطاعات واعدة محلياً وعالمياً، ومن ثم تحقيق أرباح وفيرة، تعزز مبدأ الرؤية بتنويع مصادر الدخل، وتقليص الاعتماد على مدخول النفط، هذه الاستراتيجية دفعت الصندوق خلال سنوات مضت إلى إطلاق قطاعات جديدة، واستحداث فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وإنشاء وتأسيس شركات في مجالات بعينها، تدعم مسيرة الاقتصاد.
وعطفاً على استمرار تطور الاقتصاد السعودي، لم يكن غريباً أن يعلن صندوق الاستثمارات العامة عن قرب إطلاق استراتيجية عمل جديدة، تمتد إلى العام 2030، تتناسب وطبيعة المرحلة المقبلة من عمر رؤية المملكة، وأول أهداف هذه الاستراتيجية الارتفاع بقيمة أصول الصندوق المدارة إلى تريليون دولار، وهو هدف سيتحقق خلال أسابيع قليلة من الآن -بحسب محافظ الصندوق ياسر الرميان-، ما يعني قيام الصندوق بضخ المزيد من استثماراته خلال المرحلة المقبلة في قطاعات محددة، سواء في الداخل أو الخارج، وتحقيق دخل أعلى.
أهداف الاستراتيجية الجديدة للصندوق لا تقتصر على زيادة الأصول المدارة فحسب، وإنما تستهدف أيضاً التركيز على مسارات استثمارية، يرى الصندوق أنها ستخدم الاقتصاد الوطني بشكل فاعل، وتكون بمثابة الأساس الذي ينطلق منها، نحو آفاق رحبة، هذه المسارات تشمل السياحة، السفر، والترفيه، والتطوير الحضري، والتصنيع المتقدم والابتكار، والصناعة واللوجستيات، والطاقة الجديدة والمتجددة، ومشروع نيوم.
الاستراتيجية الجديدة تعكس ملامح مهمة الصندوق خلال السنوات الخمس المقبلة، وتتركز في الانتقال من كونه مساهماً رئيساً في بناء الاقتصاد الوطني، إلى أن يصبح مستثمراً، يحقق الأهداف الوطنية التي جاءت بها رؤية 2030، ومُحسِّناً للأصول، ومُنوّعًا للميزانية العامة، وهي أهداف تُعظم من دور الصندوق في بناء اقتصاد وطني قوي ومتناغم.

